يوفر وادي الغيضة الواقع في الريف الشرقي لمحافظة السويداء خيارات متعددة لمحبي وهواة الاستكشاف والسياحة البيئية لما يتمتع به من طبيعة خلابة تتميز بمسارات ضمن واد جبلي تنتهي إليه عدة أودية سهلية في منطقة تكثر فيها الينابيع ومن أشهر تلك الأودية مسيلا الكسارة واللوز.
ويمثل وادى الغيضة أحد معالم قرية الغيضة التي تتبع لمنطقة المشنف ويشير الباحث الأثري حسين زين الدين إلى أن هذا الوادي يفصل قرية الغيضة إلى قسمين شمالي وجنوبي مبينا أن القرية القديمة بنيت في أسفل الوادي قرب نبع ماء غزير منذ ثلاثة آلاف عام قبل الميلاد حيث عمد سكانها للاستفادة من مياه الوادي الموسمية في تدوير طواحين الحبوب المائية التي ما زالت حالتها جيدة فيما بنيت القرية الحالية فوق مرتفع غربي وادي الغيضة.
ويلفت زين الدين إلى أن الغيضة كانت وافرة المياه والظلال والمزروعات وإعمارها يعود إلى مختلف العصور القديمة حيث تنتشر فيها أوابد أثرية تنسب إلى عهود الصفئيين والأنباط والرومان والغساسنة والبيزنطيين والعرب المسلمين مشيرا إلى أن “أبرز الآثار الباقية إلى يومنا هذا هي تماثيل لآلهة وبقايا معاصر عنب قديمة ومبان متهدمة وجرار فخارية”.
وتشتهر القرية القديمة أيضا بوجود برجين كبيرين يعودان إلى العصر البرونزي يعتقد أن بناءهما كان مخصصا للصيد وللأغراض الدفاعية حيث يتوسط البرج الأضخم القرية القديمة ويشكل أساسا معماريا لها وهو بناء كبير يقع في سفح الوادي الجنوبي وغرس نصفه في السفح المائل ويمكن رؤيته من بعيد وهندسته الداخلية تنقسم إلى طابقين السفلي أوسع مساحة من الثاني ومبنى من حجارة ضخمة موجهة ومشذبة ويميل الجدار باتجاه الداخل لزيادة الدعم والمتانة بينما الطابق الثاني يضيق كلما اتجهنا نحو الأعلى .
أما البرج الثاني فيقع على منحدر الوادي الغربي وهو دائري مرتفع بشكل كبير ويحقق مع البرج الأول اتصالا بصريا يمكن الإنسان من بث الإشارات الحركية أو الصوتية للتنبيه عند أي خطر قادم عبر الوادي حيث بني مسقطه بشكل دائري من حجارة محلية بازلتية كبيرة .
كما يوجد في الغيضة بحسب زين الدين معصرة أثرية للعنب تقع غرب القرية عند سفح التل الذي يحتوى نوعا نادرا من البازلت الأحمر الطري الذي يسهل فيه النحت ويستخدم اليوم كمقلع لهذا النوع من الحجر الأحمر الطبيعي حيث تتألف المعصرة من مجموعة أحواض قليلة العمق نحتت بالصخر الطبيعي بإتقان كبير و تتصل فيما بينها بقنوات قليلة العرض ما زالت على حالها .