اشتهرت جبال مركز بلغازي التابع لمحافظة العيدابي 80 كم شرق مدينة جازان بعمق مواقعها الأثرية منذ عهود مضت، وما زالت شواهد ذلك التاريخ قائمة حتى اليوم، تشهد على عظمة الأجيال السابقة على الرغم من الظروف الطبيعية الصعبة والتقلبات المناخية المتنوعة والتقلبات المناخية المتنوعة التي تعيشها المنطقة.
ويمتاز مركز بلغازي مركز بوجود سوق الخميس(سوق عيبان) الذي كان أكبر سوق في الجنوب وفي المنطقة وهو السوق المجاور لعدد من الأودية، مثل وادي جور ووادي القاط، وكان سكان تلك الأودية وما جاورها ينزلون من قمم الجبال الشاهقة إلى السوق وعرض ما لديهم من سلع وفواكه حيث يعبش ببلغازي حوالي خمسة آلاف ساكن.
وكتب عن تاريخ وآثار جبال بلغازي في الكتب التاريخية القديمة، التي اهتمت بتاريخ المنطقة مثل كتاب التاريخ الأدبي لمنطقة جازان لمحمد بن أحمد العقيل والرحالين أمثال البريطاني ويلفرد ثيسجر وغيرهم، لمحات تطرقوا فيها إلى ذكر بعض المسميات دون التعمق في ذكر تاريخها ومواقعها، ولعل ذلك يعود لعدة أسباب منها: العزلة من جهة، وصعوبة الوصول إليها من جهة أخرى.
ولا تكاد تخلو جبال بلغازي الشاهقة من القلاع الأثرية التي تحكي شموخ الماضي العريق الذي يبرز الإبداع الإنساني من خلال عناصر الفن والجمال والتميز والأصالة، حيث إنه يعكس جانباً من جوانب الهوية الوطنية ودورها التاريخي الذي تقرأ في جنباته أبعاداً ثقافية واجتماعية وسياحية وإستراتيجية.
ومن تلك القلاع والآثار في بلغازي قرية عكوة، وقرية الكباس، وقرية القاسية، وقرية الحنواء، وقرية الحرف، وقرية شهران، وقرية الخطوة، وقرية بادية، وقرية الحذير، وقرية الخطو، وقرية زيدان، وقرية آلِ حسن علي، وقرية مشعوف، وقرية نيد طلان، وقرية سطح الطارق، وقرية مسقيف، وكذلك قرية محارب، وغيرها من القرى الأثرية الموجودة على نطاق المنقطة.
وأبرز ما يميز تلك المواقع الأثرية أنها شيدت وفق طراز معماري فريد، وأشكال هندسية بديعة، ودقة متناهية في التصميم والتنفيذ على الرغم من تعاقب الأجيال، إلا أنه لم يدخل على بنائها إلا مواد بسيطة من أحجار وأخشاب اختيرت بعناية فائقة، وأحضرت من أماكن بعيدة على سواعد الرجال، وبطرق بدائية وابتكارات متواضعة، متحدين في ذلك العوامل الجغرافية والتضاريس الصعبة والمناخ المتقلب وعناء البعد، لتبقى إنجازاتهم صامدة على مدى التاريخ تحكي للأجيال المقبلة حضارة سلف لا يعرف منها إلا القليل.