فن التعامل مع حزن الحبيب يحتاج إلى قدرة على السيطرة والحكمة، ولهذا فإن فن التعامل مع حبيبك أن كان يشعر بالحزن هو أمر مهم وضروري حتى يمكن تخليصه من حالته، فقد يعود الزوج إلى البيت مساء ليجد زوجته حزينة، وقد تكون يتنازعها البكاء، وقد تتصل الحبيبة بحبيبها لتجد في صوته مسحة من الحزن والأسى وبعض العثرات في الصوت يتخللها بحة من غبار الحزن، وهذه الحالات ليست بعيدة عنا، فالحزن كما الفرح كما الانتصار مشاعر تتخللنا وتغمرنا وتشاركنا رحلتنا في أيامنا وحياتنا، وبالتالي فهي محطة من ضمن المحطات التي نعيشها ومن خلالها نستفتي قلوبنا عليها، والحزن كظاهرة حالية تجتاح معظم أفراد المجتمع ليست حالة بخيلة بقدر ما هو أسلوب حياة أصبح عند البعض، ولهذا فيفترض بنا القدرة على التواصل مع أنفسنا ومع هذا الأمر، وكذلك علينا أن نكون قادرين على التواصل مع الشركاء حتى يمكن الوصول إلى حلول لتلك المشاكل التي يعانون منها وتغتال اللحظات السعيدة.
في حال أن شاهدت الشريك في حالة من الحزن أو الاكتئاب أو الصمت، عليك أن تبدأ بالمبادرة بتفسير الحالة التي يشعر بها، وأن تحاول التعرف أكثر على حقيقة الوضع الذي يمر به، ولا تكتفي بالتخمين، حاول الاقتراب والاستفسار بصورة طبيعية، وبأسئلة بسيطة ومختصرة، وحاول دراسة معالمه، وأساليبه وحركاته اعتمادا على الخبرة التي حصلت عليها من معرفتك بها، ومن خبرتك بردود فعله حيال الأحداث والأمور، وهذه الحصيلة ستساعدك على القرار في الخطوة اللاحقة، هل ستكون بمحاولة تجاهل هذا الفعل أو الإقدام والتحدث معه ومحاولة التخفيف عنه.
فففي حالة كان رد الفعل الخاص به طبيعي ويشعرك بالرغبة بالحديث، توجه إليه وبادر بالحديث والانفتاح عليه، وعليك القيام بمحاولة التعرف على الأمور التي يعاني منها، والتي تضايقه، مع القيام بهذا الأمر بأسلوب عفوي جدا وخال من الإلحاح والتكلف وخال من التعصب لأمر على أمر، وكل ما يجب عليك أن تقوم به في هذه اللحظة هو إشعاره بوجودك وأنك معه تحاول أن تقوم بواجبك بتحسس ألمه والتخلص من هذه الآلام.
فرغم الحزن والضيق والمشاعر الجياشة التي قد تفيض من هذا الشريك، حاول أن تشعره أنك مستعد للمساعدة وتقديم يد العون له ومعه، فهذا الأمر سيخفف من شدة الأمر على الشريك وسيجعله يشعر بأنه ليس لوحده، وهذه من المشاعر التي قد تساعده على التفاؤل ومحاولة البحث عن حل لمشاكله سواء كان بنفسه أو التعاون معك.
ومع ذلك، إن أظهر في بعض اللحظات الحاجة للبقاء وحيدا، فهذا لا يمنعك من القيام بهذا الأمر، فاتركه بمفرده، فأحيانا بقاء الشخص حول الآخر يؤدي لعدم إعطائه الفرصة لتدارك أموره وفهم الموقف بشكل أشمل وأكبر، وهو على الأغلب سيشعر بالامتنان لكونك قد تفهمت مثل هذا الموقف في النهاية، ولهذا فإياك أن تقوم وبشكل غير طبيعي بمحاولة التشبث والبقاء، فهو تصرف قد يأتي بنتائج عكسية.
وعند بدئه للكلام عن الموضوع، دعه يسترسل في هذا الأمر كما يشاء، ولا تقم بمقاطعته، اعطه الوقت الذي يشاء وبالكيفية التي يرغب، فهو بحاجة فعلا للكلام، وانتظر إلى حين ينقطع عن الحديث ثم قم بسؤاله عن الأمور التي ترغب بالاستفسار عنها، ودعه مرة أخرى يجيب كما يشاء، حتى يقوم في النهاية بالانقطاع عن هذا الأمر، وعند هذه اللحظة ابدأ باستدراج مشاعره تمهيدا للخطوة اللاحقة والتي قد يكون هو في حاجة لها، ولهذا فمن المهم أن تستطيع استدراج عاطفته، وقد تكون هذه الأمور عند طريق لمسة اليد أو الاحتضان، وهي من التصرفات التي ستشعره أنك دوما معه، وبجانبه وأنك لن تتخلى عنه لأي ظرف، وبالتالي فإن المشاعر التي يتم التعبير عنها بلغة الجسد، قد تبدو قوة كبيرة، ومقارنة مع ما يرغب أن يشعر به هذا الشخص، ويرغب بالاحساس به، لهذا الأمر فإن مجموع هذه الأمور قد يكون مفيدا جدا لك وله.