الدكتور رائد محسن

فتحت قضية هدير مكاوي التي اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي، ومن قبلها الفنانة زينة ومنذ أعوام عدة، هند الحناوي الباب واسعًا أمام مناقشة تركيبة المرأة التي تسير عكس التيار، والتي تحاول محاربة المجتمع الذكوري والعادات والتقاليد التي تسود مجتمعاتنا العربية وقررن مواجهة المجتمع وحقهن بالاحتفاظ بطفلها حتى لو كان نتيجة زواج عرفي، أو عدم وجود ورقة زواج فماذا يقول الأطباء النفسيون عن تركيبة هؤلاء النسوة.

 الدكتور رائد محسن يتحدث عن آلام العزباء بالقول إن المرأة العزباء ما زالت غير مرغوب بها في المجتمع، باعتبارها سيدة ارتكبت عملًا مرفوض بكل المقاييس ولكن في بعض النساء ذوات الشخصية القوية، بالدرجة الأولى أما بالدرجة الثانية هناك، بعض النساء اللواتي يتعلقن فعلًا بأطفالهن ولا يمكن الاستغناء عنه مهما كان الثمن، حتى لو لفظهم المجتمع، ولكن المرأة بطبيعتها كائن يخشى إلى حد كبير من الموروثات في مجتمعنا بخاصة كلمة العيب. 

لذلك نادرًا ما نجد سيدات عربيات يقبلن بكلمة أم عزباء فهذه الكلمة في الوطن العربي تعتبر عارًا على صاحبتها، ولكن المرأة التي تقرر خوض هذا الحرب، لابد أن يكون هناك من يساندها وفي الدرجة الأولى الأهل أي أسرتها الصغيرة، ومن ثم المجتمع الأكبر أي الأصدقاء وزملاء العمل، واليوم دخلنا في عالم مواقع التواصل الاجتماعي التي تشكل مادة لتلميع صورة المرأة وتصويرها كإنسانة لها الحق في ممارسة أمومتها مثلها مثل أي امرأة متزوجة , ولكن لم تنجح تلك المواقع في تحسين صورة المرأة.

لأن المجتمع ما يزال ينظر إلى تلك المرأة إنها زانية ولا يمكن للمرأة أن تتجاهل أنه تعيش أيضًا في مجتمع تسيطر عليه الهيئات الدينية لذلك نجد أن هذه الظاهرة في الوطن العربي شبه معدومة واللواتي يواجهن تلك العاصفة جميع الرجوع أولًا وأخيرًا إلى البيئة التي يعشن فيها وهو ما ركز عليه أيضًا الدكتور جمال حافظ فبادر بالقول إن الإنسان هو ابن بيئته ولا يمكن أن تحتفظ امرأة بابنها بعيدًا عن عباءة الزواج إلا إذا نشأت في بيئة أعطتها الفرصة للتعبير عن نفسها وتكوين شخصية مستقلة إلى حد بعيد مما أدى إلى النظر إلى نفسها، ككائن يستطيع التصرف بالطريقة التي تراها مناسبة بالنسبة لها منها الحصول على طفل خارج إطار الزواج وأنا لست مع مقولة أن من تقدم على هذا العمل هي غاوية شهرة لأن من تقوم بهذه الخطوة وتحويل قضيتها إلى قضية رأي عام فهي تريد الإثبات للمجتمع بأنها قادرة إلى ممارسة أمومتها بعيدًا عن العلاقة الشرعية، فهي تحاكي إنسانياتها وأمومتها، وليس المجتمع المحيط بها، ولكن المشكلة التي تواجهها المرأة العزباء في الوطن العربي هي النظرة الدونية لها من قبل المجتمع بالإضافة إلى مصير الطفل وهو الضحية الأولى و الأخيرة لهذا الوضع، الذي لم يتعود عليه المجتمع العربي.

وهنا نعود إلى قدرة المرأة على مواجهة المجتمع فهي تكون على استعداد مسبق لذلك حينما تكون في فترة الحمل، بالإضافة إلى أنها تشعر بالفخر بأنها احتفظت بشيء تعتبره من حقها، دون أن تخشى لومة لائم، ولكن بشكل عام فكرة الأم العزباء في الوطن العربي ما زالت شبه معدومة، ولا يمكن لأية فتاة أن تكن قوية لدرجة الوقوف في وجه المجتمع والمؤسسات الدينية لذلك فإن قضية الأم العزباء في الوطن العربي إذا ما وجدت تتحول إلى قضية رأي عام نظرة لقلتها، ولكن حتى السيدات اللواتي يؤيدن من أقدمن على هذه الخطوة فإن عقلهن الباطن يرفض هذه الخطوة رفضًا باتًا.