الدكتور هاني جهشان

أكد خبير في مواجهة العنف لدى مؤسسات الأمم المتحدة، واستشاري في الطب الشرعي، الدكتور هاني جهشان أن الوقاية من التطرف والتعامل مع مخاطر حدوثه أو مع أنشطته صعب للغاية بسبب تعقيد وتقاطع جذور النشاطات المتطرفة وتغيّرها باستمرار، فهناك تبدل مستمر في الدوافع والتمويل ووسائل التنفيذ والأهداف. 

وأضاف الخبير، في حوار خاص لـ"لايف ستايل"، أن التطرف يشكل خطرًا حقيقيًا للسلم والأمن العالمي، فبالإضافة للأثر المدمر له على إنهاء حياة البشر وإلحاق العاهات والأمراض النفسية والجسدية بهم، هناك أثره على هدم الحكومات ودمار المجتمعات وتقويض التنمية الاقتصادية والاجتماعية، فالتطرف أيضًا يتحدى ويخترق الحدود ما بين الدول، وهذا يزيد من صعوبة التعامل معه، ما يتطلب تعاونًا ما بين أجهزة الدولة نفسها وما بين الحكومات بهدف العمل على تحقيق إنجاز حقيقي في مواجهته.

وبيَن الخبير، أن عوامل خطورة التطرف متعددة، منها عوامل خطورة مجتمعية، وهي من أهم جذور التطرف، وتشمل: ضعف دور الدولة في رعاية المواطن، فهناك نقص مستمر في الاحتياجات الأساسية من الطعام، الكساء، والمأوى وهذه الظروف تؤدي لشيوع العنف بما فيها الأنشطة المتطرفة والتهميش الاجتماعي والاقتصادي وشيوع الفقر، فممارسات الحكومة الخاطئة والفاشلة في المجال الاقتصادي والزراعي واستغلال الطاقة يدفع المواطن إلى أن يلجأ للعنف كوسيلة رئيسية للسيطرة على الموارد في مواجهة الحكومة وهذا يولد بيئة حاضنة للتطرف.

وتابع استشاري الطب الشرعي، أيضًا غياب الحريات والديمقراطية الحقيقية، وشيوع الاستحواذ السياسي والإقطاع النخبوي، وغياب الحوكمة الرشيدة، فهذه جميعها تؤدي إلى شيوع الظلم وغياب العدالة وتعمل على تشكيل حاضنة للعنف والتطرف و هجرة الشعوب إلى أماكن محصورة كالمخيمات يؤدي نفاذ الموارد البيئية، ويرافق ذلك شيوع الفقر وبالتالي شيوع العنف والتطرف، وتوفر الدعم المالي المستمر من قبل مستثمري "الإرهاب"، لدوافع سياسية أو لدوافع مرتبطة بالاتجار بالمواد المخدرة والسلاح والبشر، وغياب سيادة القانون وشيوع انتهاك حقوق الإنسان وشيوع التميز الإقليمي والعرقي والقومي والديني أيضًا.

أما عوامل الخطورة الاجتماعية المتعلقة بالثقافة السائدة فهي التجرد من البيئة الإنسانية للمواطن تشكل وسطًا مُرحبًا لثقافة التطرف الديني والذي يروج لها من قبل مستثمري التطرف، كمخلص من الكرب والفقر ولنشر هذه الثقافة يتم ربطها بحياة الرفاهية ما بعد الموت، فيما تشكل الاضطرابات النفسية واضطرابات الشخصية واضطراب العلاقات الأسرية عوامل إضافية مكملة لما سبق ذكره في حصول التطرف.

وشدد الخبير، على أنه لن يكتب النجاح لمواجهة التطرف بواسطة ندوات يحاضر بها رجال دين وعلماء اجتماع يتداولون تعاريف مبهمة ونظريات غير مسندة علميًا أو بواسطة مقاطع تلفزيونية ركيكة عاجزة عن الوصول للعقل والنفس ويبدو أنها تدعو للتطرف بدل مواجهته، إذ أن مواجهته تتطلب التعامل مع البيئة التي تهيئ ظروف انتشاره والوارد ذكرها في عوامل الخطورة الاجتماعية والمجتمعية الواردة سابقًا، تعمل في محاور:

(1) الوقاية الأولية بتنفيذ ورصد وتقييم برامج اجتماعية اقتصادية وسياسية لعموم المجتمع توفر الحياة الكريمة للمواطن وتحافظ على حقوقه، وتعمل على الالتزام بإجراءات سيادة القانون.
(2) برامج وقائية خاصة بالتعامل مع المعرضين لخطر الانضمام للمتطرفين أكثر من غيرهم، تعمل على توفير فرص التعليم والثقافة والعمل والتخلص من الفقر وبناء شخصية المواطن القائمة على الانتماء للوطن.
(3) برامج تتعامل مع التهديد المباشر لحصول التطرف، وتشمل منع المتطرفين من (١) النفاذ للوسائل التي تمكنهم تنفيذ أعمالهم (2) والحيلولة بينهم وبين المستهدفين و(٣) عرقلة رغبتهم بالوصول لأثر أعمالهم المتطرفة، ويشمل ذلك الرقابة الحقيقية على تهريب والاتجار بالأسلحة الصغيرة وعلى المواد الأولية الكيماوية لصناعة المتفجرات، والرقابة الحقيقة على وسائل التواصل الرقمية. وتوفير الأمن الكافي للأهداف المتوقعة. 
(4) رفع كفاءة جميع أجهزة الدولة الأمنية في مجالي الوقاية من التطرف ومواجهته، وخاصة القدرة الاستخباراتية المحلية والإقليمية. يشمل ذلك التدريب والأبحاث وتوفير الموارد البشرية والمالية والتكنولوجيا المتطورة.