المشكلة : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أريد حلًّا لمشكلة أخي المراهق، البالغ مِن العمر 14سنة، أخي هذا أتعب أمي بكثرة مشاكلِه التي لا تنتهي، ولكني أريد ابتداءً أن أبين أمورًا، وهي: - هو الولد الوحيدُ، وهو أصغرنا، وقد تعوَّد منذ صغره على أن يكون مدللًا، وجميع طلباته مجابة، وهذا ما عوَّده عليه أبي، وليس أمي؛ لأنها كانتْ تغضب مِن هذا الدلع الزائد له. - عندما كان في المرحلة الابتدائية كان متفوقًا دراسيًّا، وكان نظيفًا جدًّا. - أمي دائمًا تخاف عليه، وتخاف مِن أن يخرجَ ليلعبَ مع أصدقائه؛ حتى لا يفسدوه، دائمًا تتركه يجلس معها في تجمعات صديقاتها، ويلعب مع البنات، وهذا أمر بالنسبة لها عادي جدًّا! - عندما بلغ من عمره 14سنة أراد أن يستقلَّ بشخصيته، لكن بطريقة خاطئةٍ، فلا يقبل أن ينصحه أحدٌ، وإذا نصحتْه أمي رفع صوته عليها، ويرفع صوته على أبي أيضًا، ولكن أبي - بسبب أنه يدلعه - لا يُعاقبه، وإن عاقَبَه يقوم بضربه بطريقةٍ وحشيةٍ، حتى وإن كان السببُ تافهًا، ولكنه لا يضربه إلا قليلًا جدًّا. كان استقلال أخي بشخصيته على النحو التالي: • دائمًا يجلس على (الفيس بوك)، ويُشاهد ما يشاهد، ويفعل ما يفعل, وأحيانًا أدخل باسمه فأرى ما يفعل، وذات مرة وجدتُه يُضِيف بنات، ويتحدَّث معهنَّ بطريقة سيئةٍ، وأخرى أجده يطلب مِن أحد أصدقائه سلاحًا - مسدسًا كان، أو خنجرًا، أو ما شابه ذلك - دون أن يبررَ السبب! • وأيضًا هذه الأيام يظهر أنه يحب بنتًا من بنات صديقات أمي اللاتي كنَّ يلعبْنَ معه، ولكنهن قد كبرن، وهذه البنت التي يحبها عمرها 17سنة، لكنه يتصرف على أساس أنه يحبُّها ويريد أن يتزوجها، ودائمًا يتحدَّث عنها مع أصدقائه على (الفيس بوك)، ويقول لهم: أنا أحبها وسأتزوجها، وإن لم أتزوَّجها فسوف أنتحر! المشكلة أن أمَّ هذه البنت صديقة مقَرَّبة مِن أمي، فما الحل؟ هل تقطع أمي عَلاقتها بها تمامًا؟ أو ماذا تفعل؟ مع العلم أنها إذا جاءتْ لأمي ولم تجدْ أخي، تسأل عنه؛ لأنها تعتبره مثل ابنها؛ فتقول له مثلًا: اجلس معنا، وتعامله كأنه صغير، وهو يجلسُ معهنَّ، ويكون سعيدًا بذلك! والمشكلة الأخرى أنه أخبر البنت بأنه يحبها، وكان ردُّها: "فلنكن أصدقاء الآن، ومع الوقت يأتي الحبُّ"! • لا يستطيع أن يتعامَل مع الناس؛ لأن أمي لم تعوِّدْه أن يخرج ويختلط بالمجتمع الخارجي، فإن خرج يتصرف مع أصدقائه وكأنهم أطفال في المرحلة الابتدائية، فيضربهم مثلًا، ويركض خلفهم، ولكنهم يغضبون ويضربونه، وتقوم بينهم مشاجَرات عنيفة حتى يفصل بينهم أحدٌ. • يومه يمضي في النوم، والبقاء على (الفيس بوك)، ومذاكرة قليلة جدًّا، وإن كان اليوم يومَ عطلة يبقى منتظرًا صديقة أمي حتى تأتي، ويجلس مع ابنتها!
الحل : نحب أن نطمئنكِ بأن ما يحصل من أخيك - حفظه الله - هو أمرٌ شائع لمن هم في سنه (14) سنة، وهي آخر المرحلة الأولى من المراهقة (11 - 14) سنة، وحتى نفسِّر تصرفات أخيك لا بد أن تعرفي خصائص هذه المرحلة العمرية، فهي مرحلةٌ هامة، ومنعطف خطير في تكوين شخصية المستقبل ورَجُلِها، ولكنها لا تستدعي كلَّ هذا القلق. كل ما هنالك هو إحسانُ إدارة المرحلة، والتحكم في مِقْوَد القيادة، ومن المعلوم أن التحولات الجسدية للمراهق يُرافقها تحولات نفسية أيضًا؛ فالانتقال من مرحلة الطفولة إلى مرحلة الرجولة يجعل من الطبيعي حدوث مثل هذه التقلبات المزاجية؛ فهو لا يزال في نظر الأهل طفلًا توجَّه إليه الأوامر، بينما هو يرى في نفسه أنه صار رجلًا مستقلًّا بقراره، وهذا يفسِّر ما يقوم به من رفضٍ لأوامر الكبار؛ كالوالد، والوالدة، وأخواته الأكبر منه سنًّا؛ فهو يعيش صِراعًا بين واقعه الجديد وبين النمط العائلي القديم! وأما عن أسباب تصرُّفه العنيف مع أصدقائه ومعاملته لهم كأنهم صغار، فهو محاكاة لما قد يراه في البيت من معاملةٍ له من قِبَل الوالدين والمحيطين به؛ فالشخصية العدوانية للمراهق قد يكون من أسبابها: • المعاملة القاسية والانتقاد الدائم. • شعوره بالسِّجن النفسي، وتقييد حريته؛ (كالخوف الدائم مِن مخالطة الآخرين الذي تبديه الوالدة)، وهو سبب أيضًا للصَّدِّ والرفض للأوامر. • كما أن الشعور بالاغتراب عن العائلة، والوحدة الشعورية التي يُبْدِيها المراهق على شكل خلوة انفرادية مع (الفيس بوك)، أو وسائل التواصل الأخرى؛ هي تعبيرٌ لرفض طريقتهم وإملاءاتهم المتكرِّرة. أما إنشاء عَلاقة اجتماعية مع فتاة - مع خطئها - فهي نوع من التنفيس عن مشاكله مع محيطه، كما أنها مؤشِّر إلى تدنِّي مستوى الحب العائلي، الذي يفتقده ويبحث عنه في أماكن أخرى. كل ما مضى هو تفسير فقط لممارسات أخيكِ، ولعل هناك أسبابًا أخرى. أما العلاج، فيكون - كما قلنا - بمعرفة خصائص هذه المرحلة، وإجادة التعامل معها. أما الإجراءات، فيمكنكم اتخاذ التالي: • الجلوس مع الوالدين، وإشاعة مفهوم الحوار العائلي، وتعويد الولد على مناقشة الأمور بمنطقية، وبدون تحفز أو صراخ. • والحوار مع المراهق يُمَثِّل 80% من الحل، وهذه مشكلة شائعة لدى المربِّين -خصوصًا الوالدين - حيث يقل الحوار أو ينعدم أحيانًا! • استغلال وسائل التواصل الحديثة (كالفيس بوك) للتواصل الفعَّال مع الولد! وعن تجربة شخصية فقد أنشأتُ حسابًا على (الفيس) لولديَّ الاثنين - (مرحلة إعدادية وابتدائية) - وكنتُ أوجِّه لهم نصائح ورسائل توجيهية غير مقصودة، فكانوا يتفاعلون معها أكثر من تفاعلهم مع النصائح المباشِرة. • يُمكِنكِ استغلال هذه الوسيلة لعلاج مشكلة أخرى متعلقة، وهي تعلُّقه بفتاة تكبره سنًّا؛ حيث تستطيعين أن ترسلي له روابط ونصائح لقصصٍ حدثتْ لشباب محورها: عدم صحة العَلاقة؛ حتى لو صحَّتْ فليستْ بالفتاة التي تناسبه سنًّا؛ ولو ناسبتْه فمرحلته العمرية لا تؤهِّله للزواج في هذا الزمان، وأن أمامه مستقبلًا ينبغي أن ينصرف إلى التخطيط له وبنائه. • إغلاق كل مَنافِذ البطالة والفراغ الذي يُعاني منه الولد، فبدلًا من انتظاره لصديقة أمِّك حتى يجلس مع ابنتها، يمكنكم إشراكه في برامج تربوية وشبابية من قبيل تحفيظ القرآن الكريم، أو النوادي المشهود لها بالكفاءة والصلاح، أو فرقة الكشافة وما شابه، لا سيما وأنه تربَّى مع ثلاث بنات؛ فيحتاج إلى تعويده على جوٍّ ذكوري مختلف، وهذا ما يعبر عنه حاليًّا بمحاولة إثبات الذات من خلال (طلبه أدوات ذات طبيعة قتالية من أصدقائه كخنجر أو مسدس)، وهي وإن كانتْ سِمَة عامة في هذه المرحلة - مرحلة المراهق - إلا أنَّ وجوده في محيط البنات ولَّد لديه ردَّة فعل عكسية لإثباتِ الذات الرجولية؛ فالمطلوبُ هو صقل هذه الصفة، واستثمار ردة الفعل هذه. • مما يعزِّز سد منافذ البطالة والفراغ هو توجيهه إلى (العمل التطوعي)، وحثه على المبادرة في خدمة الناس ونفعهم؛ ليشعر بهموم أمته وحاجات الناس، وأن هناك أهدافًا وغايات يسعى إليها الناجحون في الحياة أسمى وأعظم من تعلق قلب بفتاة!
Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©
Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©
أرسل تعليقك