المشكلة : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا في حيرة مِن أمري؛ فلديَّ وظيفةٌ حكوميةٌ براتبٍ كبير، ولديَّ عائلة مُكَوَّنة من زوجة وابنتين، والوظيفةُ لا يوجد فيها أي تطوير، ولا تمتُّ للشهادة بأيِّ صلة. ومع أنَّ الوظيفة مِن الساعة 8 ص – 2 ظ، إلا أنني حزين جدًّا، وأخرج أحياناً من العمل وأنا لا أطيقه، فهو ليس مِن طموحاتي. أُفَكِّر في أن أُقَدِّم استقالتي، وأسافر خارج البلاد لدراسة الماجستير، والعودة من جديد للبحث عن وظيفةٍ أفضل، علمًا بأني في الثلاثينيات مِن عمري.
الحل : لم يكن المالُ وحده أبدًا وسيلةً حقيقيةً لتحقيق السعادة، ولم تكن الوظيفةُ في حد ذاتها هدفًا؛ وإنما هي سُلَّم للارتقاء إلى أهدافنا، ومِن أشق الابتلاءات وأتعس الحالات أنْ يُضْطَرَّ المرء للعمل في غير تخصُّصه، وبمنأًى عن المجال الذي يُحِبُّ؛ حيث لن يكونَ ثمة إبداعٌ أو إتقانٌ للعمل، وسيتحول جوُّ العمل من شدة الرتابة والملل إلى آلات تنفذ وتنتج بمحدودية، وفي أضيق نطاق وأقل مستوى! لن أنعتك بازدراء النعمة، ولن أُقرِّعك لشعورك الطبيعي بالملَل وقهر الروتين الذي تستشعره كلُّ نفس إبداعية حين تُوضع في موضع تُدرك فيه تمامًا أنه ليس ما كانت تصبو إليه، ولن تحقق فيه مِن أحلامها إلا اللَّمَم، ولكني أتعجَّب فقط من اشتراطك السفر للخارج لإكمال دراستك! إلا أن يكون تخصصك نادرًا وغير متوفر في بلدك، وهذا ما أستبعده، فإن كنتُ مُحِقَّةً في استبعادي، فأُشير عليك - يا أخي الفاضل - بأن تستمر في استغلال ما رزقك الله به مِن نعمة، وأن تمضي في طريقك الذي وُضِعْتَ فيه لسببٍ يسير جدًّا، وهو: احتياجك الشديد لعمل يُدِرُّ عليك ربحًا تنتظره أسرةٌ مكونةٌ من زوجة وابنتين، وربما كانتْ هناك ارتباطات أخرى لم تتضح كاملة. وإلى جانب ذلك، ابحثْ حولك وقد مَنَّ الله عليك بِدَوامٍ ينتهي في الثانية بعد الظهر، فإنْ طلبتَ راحةَ بدنك وتصفيةَ ذهنك إلى صلاة العصر، فأمامك الوقتُ مِن العصر وحتى بعد العشاء تستغلُّ فيه كلَّ طاقاتك، وتُخرج كافة إبداعاتك، وإن كان منها إكمالُ دراستك في إحدى الجامعات التي ستُوفر لك مع الوقت المزيدَ مِن الفرص، والكثيرَ من المجالات التي تَمَسُّ تخصصك بشكلٍ سيرضيك حينها، وسيفتح لك - بإذن الله - أبوابًا تجمع لك بين الرزق والراحةِ، والإبداع والنفعِ لوطنك ومجتمعك. تذكَّر أخيرًا أنك مسؤول أمام الله عما تُؤديه من عمل، ومثلُك لا يقبل أن يتقاضى أجرًا على ما لا يفعل، فإن تمكَّنْتَ مِن أداء ما يُوكل إليك مِن مهامَّ لا تحتاج إلى إبداع، فليكن على قدر ما تستطيع، لكن لا تتركه بصفةٍ كاملةٍ بحجة عدم التقبُّل، ولعل الله أن يصلحَ شأنك، ويُيَسِّرَ أمرك بإخلاصك وحرصك.
Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©
Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©
أرسل تعليقك