arablifestyle
آخر تحديث GMT 17:28:00
لايف ستايل
لايف ستايل
آخر تحديث GMT 17:28:00
لايف ستايل

الرئيسية

رفضت الاستسلام للظروف وكانت تقدم دروسًا لتعليم الطبخ

قصة تحدي مثيرة بطلتها لاجئة سورية استخدمت الطعام للتعريف بقضية بلدها

لايف ستايل

لايف ستايلقصة تحدي مثيرة بطلتها لاجئة سورية استخدمت الطعام للتعريف بقضية بلدها

وحيدة لاجئة سورية
 دمشق ـ نور خوام

كانت وحيدة، انفصلت عن أطفالها، دون منزل أو عمل، وواجهت ظروفًا يمكن أن تحطم أقوى المعنويات، لكن ماجدة خوري رفضت أن تستسلم، لقد اتجهت إلى شيء تطلعت أن يبني لها حياة جديدة. إنه الطعام.

أول عشاء كبير استضافته ماجدة كان غريبًا، حيث قائمة الطعام لم تكن مشهية، وضيوف الشرف لم يكن بإمكانهم الحضور، ورغم أنها كانت قد وصلت إلى بريطانيا قبل موعد ذلك العشاء بخمسة أشهر فقط، إلا أن قائمة الضيوف الطويلة الذين حضروا كانت مدعاة للفخر.

وظهر متحدثان على شاشة عبر موقع سكايب في مكان اللقاء المريح في لندن، وحينما نظر الضيوف إلى ما وراء وجه أحدهما رأوا جدرانًا خرقتها آثار القصف، وكان المتحدثان طبيبًا وناشطًا حقوقيًا، وشرح الشخصان، اللذان يعيشان في بلدة الغوطة الشرقية التي مزقتها الحرب في سورية، للضيوف ما يعانيه المدنيون هناك، بعد خمسة أعوام من الحصار والجوع، وتدمير المستشفيات وهجمات كيميائية، وقصف وحشي من جانب الجيش السوري والقوات الموالية الرئيس بشار الأسد. مجرد مغادرة المنزل قد تكون سببا في قتلهم.

وبعد أن استمع الحاضرون لحديث الناشطين، تناولوا حساء خفيفًا، "لأنه هو الشيء الوحيد الذي يمكن أن يتناوله سكان الغوطة الشرقية"، وتتذكر ماجدة، البالغة من العمر 46 عامًا، أنها غادرت ذلك المكان سعيدة، وتحمل معها أكثر من 100 خطاب، تطالب الحكومة البريطانية بتحرك إنساني، وعلى الرغم من أن أشياء بسيطة مثل مشاركة مائدة العشاء لن تحل أزمة اللاجئين، فإن وجبات مثل تلك هي الطريقة التي تجد بها ماجدة، وهي ناشطة سورية في مجال حقوق الإنسان فرت إلى بريطانيا عام 2017، مكانًا في قلوب الغرباء الذين تقابلهم.

إطعام الناس يعطيها فرصة لتحكي قصتها. إنه يساعدها على الاستمرار في العمل الذي اضطهدت بسببه في بلدها سورية، والأهم أن عملها تسبب في حرمانها من ولديها، اللذين صارا أكبر سنًا في دمشق، الطعام ساعد ماجدة على بناء عائلة ثانية لها تتكون من أصدقاء جدد.

ولم ترغب ماجدة يومًا في العيش في بريطانيا. وقبل الانتفاضة في بلدها كانت تتمتع بحياة مميزة، وتعمل مستشارة أطفال، وتدير مركزًا لتعليم الأسرة، لقد استمتعت بتربية ولديها هادي وكريم، وعاشت معهما ومع زوجها في "منزل جميل" في دمشق، وحينما اندلعت المظاهرات ضد حكم الأسد عام 2011، انضمت إليها ماجدة، لكنها توقفت عن ذلك، حينما تصاعدت تلك التظاهرات وتحولت إلى نزاع مسلح.

وبدلًا من ذلك، تحولت إلى مساعدة ضحايا الحرب. لكن في عام 2015 سجنت ماجدة، بسبب مساعدتها في إطعام اللاجئين الذين يصلون المدينة قادمين من أنحاء سورية، وتُتهم الحكومة السورية، وجماعات المعارضة المسلحة، باستخدام الطعام كسلاح، ومنع وصول الإمدادات إلى المناطق التي تسيطر عليها المعارضة.

وتقول ماجدة "لأني امرأة مسيحية ثرية كنت أستطيع عبور نقاط التفتيش، ومن ثم اعتدت أن أهرب الخبز لإطعام الناس. لم أستطع أن أشاهدهم يموتون جوعًا"، وخوفًا على سلامة عائلتها، فرت ماجدة إلى لبنان المجاورة، وتركت ولديها مع والدهم. وكانت أعمارهم 13 و15 عامًا، ويعد الوجود في لبنان كناشطة أمر محفوف بالمخاطر. لكنها استمرت، وفي عام 2017 دعيت للحديث في مؤتمر في بريطانيا، وبينما كانت في بريطاينا تلقت خبرًا بأن زملاءها اعتقلوا، ومن ثم اعتقدت أنها في خطر، وسعت إلى اللجوء السياسي في بريطانيا.

وتحولت من كونها مدافعة عن اللاجئين إلى واحدة منهم، وانفصلت إلى أجل غير مسمى عن عائلتها وبلدها، وكانت الأسابيع الأولى لها في بريطانيا صعبة للغاية، لكنها اكتشفت سريعًا أن المطبخ الدمشقي له عشاق في لندن، فالطعام ركن أساسي في الثقافة والعائلة السورية. فهو في الغالب معقد، ومليء بالمكونات الغنية والملونة. ويقال إن "العين تأكل قبل الفم".

وأغلب النساء في سورية لا يعملن، وفي عام 2013 كان 14 في المئة فقط من القوة العاملة من النساء، ولذلك فإنهن لا يزلن يقمن بمعظم الأعمال المنزلية والطبخ، وتقول ماجدة "مساحة مطبخنا ضعف مساحة المطابخ في بريطانيا. إنه جزء مهم للغاية من المنزل السوري. لقد طبخت لزوجي وأبنائي، وأحبوا طعامي كثيرًا خاصة طريقة تقديمي للوجبات".

وقبل أن تعطل الحرب الحياة الطبيعية في سورية، كانت الأم أو الزوجة ربما تقضي ساعات كل يوم، تقوم بفرم وتقشير وشواء وإعداد مكونات الطعام، وتقول ماجدة ضاحكة "النساء السوريات صبورات للغاية، لأننا علينا أن نصنع الكثير من الأطباق. على سبيل المثال نقضي ثلاث ساعات في عمل اليبرق "محشي ورق العنب"، ثم يأكلونه في ثوان معدودة. نحن لا نستخدم ملاعق لقياس المقادير، نحن فقط نعرف ما يجب إضافته للطعام".

طالبو اللجوء في بريطانيا غير مسموح لهم بالعمل، وأمضت ماجدة عامها الأول في لندن معتمدة على كرم الغرباء، ونقلت مكان سكنها خمس مرات، وفي كل مكان، كانت تعمل ماجدة على التأكد من أنه ليس هناك جائع. لكن كما يعلم أي طباخ، فإن التكيف مع مطبخ شخص آخر وعاداته إنجاز كبير، وأقامت ماجدة في البداية مع زوجين من فرنسا وإيطاليا، وقالت "لقد كان لديهم مطبخ رائع، صغير لكنه مليء بالأدوات. لقد كنا نتنافس كل ليلة لكي نرى من سيطبخ أفضل".

وفي مكان آخر، تناولت ماجدة غداء كل يوم مع مضيفها، الذي تقاعد بينما لا تزال زوجته تعمل.

وتقول: "لا زلنا أصدقاء حتى الآن، وأرسلوا لي رسائل بأنهم افتقدوا طعامي".

حصص لتعليم المطبخ السوري

كما عاشت مع امرأة سورية أخرى، تطعم أبناءها حينما تكون في العمل. وتقول: "لا أزلت أرسل لهم بعض الأطعمة، حينما أصنع شيئا أعلم أنهم يحبونه"، مضيفة "شعرت بأني قادرة على رد بعض الشيء للناس الذين أقمت معهم"، والتقت ماجدة بالقدماء والقادمين الجدد من الجالية السورية المتنامية في لندن، وتقول "هناك الكثير من الطلاب الذين يقيمون بمفردهم هنا، لذلك أسألهم: ماذا تفتقدون من طعام أمهاتكم؟ ثم أصنعه وأقدمه لهم".

وتعاني ماجدة من أجل أن تنسى زملاءها السوريين، الذين تشعر بأنها "تخلت عنهم"، وتقول "لم يكن لدي الحق في الرحيل. أشعر بالذنب، لأن هناك أناسا مثلي بدأوا تلك المظاهرات ضد الحكومة السورية، ثم غادرنا نحن. أشعر أنني بعيدة للغاية عنهم وعن معاناتهم. أرغب في الاستمرار في عملي".

وباعتبارها طالبة لجوء من خلفية حضرية ثرية، تتمتع ماجدة بمكانة أقوى، مقارنة بالكثير من اللاجئين السوريين في بريطانيا. وأغلبهم تأهلوا للقدوم إلى بريطانيا بسبب إعاقاتهم أو مشاكلهم الصحية، ما جعلهم يقبلون ضمن برنامج الحكومة المسمى إعادة توطين الأشخاص المستضعفين، وتتحدث ماجدة الإنجليزية جيدا، كما أن ثقتها بنفسها وحضورها القيادي يظهر أنها معتادة على أن يسمعها الناس، وكان أحد قراراتها المبكرة في لندن هو الانضمام إلى مجموعة من اللاجئين معنية بالطبخ، وتديرها منظمة خيرية.

وتجمع هذه الجماعة بين سكان لندن واللاجئين، لتعلم الوصفات ومشاركة الوجبات، وتعطي ماجدة حصتين أسبوعيًا، حيث تعلمهم إعداد الوجبات البسيطة لكن الجميلة، التي يمكن أن يصنعوها داخل المنزل، وواحد من أسهل الأطباق هو المتبل، ويصنع من مزج الباذنجان المدخن مع الطحينة "صلصلة السمسم"، والزبادي والليمون، وعصير الرمان والثوم.

حينما جاءت إلى لندن في البداية، كانت ترغب ماجدة في الحديث إلى كل شخص تقابله عن الحرب، معتقدة أنهم لا يفهمون الصورة الكاملة، لكنها وجدت أن ذلك يسبب الإحباط والإرهاق للناس، لكن عندما بدأت في تدريس فن الطبخ، اكتشفت أن وجبات العشاء منحتها فرصة حقيقة، للحديث والاستمرار في نشاطها الحقوقي، وعلى مائدة الطعام، تصف ماجدة إلى أي مدى يستهدف المدنيون في الحرب السورية، وكيف أن "الرئيس بشار الأسد قمع" الحركة المطالبة بالديمقراطية.

وربما لا يتقبل الجميع تلقي درسًا في السياسة على مائدة العشاء، لكن ماجدة تقول إن أغلب الناس يتجاوبون، كما أن الطعام يربطها بوطنها، الذي لم ترغب يومًا في مغادرته، وهو أيضًا شريان حياة، ووسيلتها للقاء الناس وإيجاد هدف في المنفى.

وفي أبريل/ نيسان السابق، وضعت ماجدة مائدة العشاء في منزل آخر غير مألوف لها، وبعد أشهر من انتظار تأشيرة للم شمل الأسرة، عاد أخيرا ولداها ليجتمعا بها، ولكن حالت الإيجارات العالية في لندن عن إيجاد مسكن لماجدة وولديها، لكن زوجان من سورية وأيرلندا دعوهم، ليقيموا معهما أيامًا قليلة للم شملهم، وتقول "علمًا أني أرغب في إعداد وجبة لأبنائي. لقد كان لديهم مطبخ متميز جدا. أخذوني إلى متجر سوري، لكي أستطيع شراء ما احتاجه للطبخ"، وأضافت "أعددت الطبق المفضل لأبنائي، وهو الشاكرية "لحم أو دجاج مطبوخ في زبادي وأرز"، مع المتبل وسلطة التبولة. لقد كان حقًا عشاء رائعًا تناولناه معًا".

الولدان المراهقان، اللذان تعلما الإنجليزية في مدارس سورية، خجولان، لكنهما يتكيفان مع الحياة في بريطانيا، وتقول ماجدة "عائلتي تحب الطعام البريطاني لأنه غني بالدهون، إنهم يحبون الدهون"، وتضيف "صنعت لهم إفطارًا إنجليزيًا حينما وصلوا، لكن أنا شخصيًا معدتي لا تتقبله".

وتقول ماجدة إنها تستيقظ كل يوم، على أمل أن تعود إلى سورية. إنها لا ترغب في أن "تبقى بلدها تحت سيطرة حكومة الأسد"، لكنها تأمل أيضًا في أن تبدأ عملها التجاري الخاص في لندن، وذلك عبر استئجار مطبخ، وتوفير فرص عمل لنساء سوريات أخريات. وتعتقد أن المطبخ السوري يلقى إقبالًا متزايدًا في لندن.

وحينما انتقلت ماجدة وولداها هادي وكريم إلى منزلهم الجديد أخيرًا، أقامت حفلًا بهذه المناسبة. وأحضر المدعوون هدايا، لكي يشعروهم بأنهم في بلدهم، ولأنهم يعرفون ماجدة جيدًا، أحضروا لها قدور الطبخ، وأوعية قلي الطعام والسكاكين، وكل الأشياء التي يحتاجها مطبخ عائلي جيد.

arablifestyle
arablifestyle

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قصة تحدي مثيرة بطلتها لاجئة سورية استخدمت الطعام للتعريف بقضية بلدها قصة تحدي مثيرة بطلتها لاجئة سورية استخدمت الطعام للتعريف بقضية بلدها



GMT 17:06 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجبات السريعة تجعل المخ يفرز نوعا من السكر يسبب أمراض القلب

GMT 16:25 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تكشف أن قلة النوم أو الأرق ترفع من خطر الإصابة بالسمنة

GMT 16:21 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

مضادات الاكتئاب قد تُثبت فعاليتها في إبطاء "ألزهايمر"

GMT 16:14 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح في الموضة للحصول على مظهر لطيف

GMT 09:35 2020 السبت ,13 حزيران / يونيو

تنفرج السماء لتظهر الحلول والتسويات

GMT 15:35 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

حلم السفر والدراسة يسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 23:51 2016 الإثنين ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

كريم الكنتالوب لترطيب البشرة

GMT 12:50 2017 الثلاثاء ,20 حزيران / يونيو

جيني إسبر ترتدي عباءة زرقاء في جلسة تصوير جديدة

GMT 12:59 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

سميرة سعيد تُحيي ليالي الربيع خلال نيسان

GMT 11:08 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

" F D A " تخطط لفرض قيود صارمة على بيع السجائر الإلكترونية

GMT 13:28 2016 الخميس ,15 كانون الأول / ديسمبر

كيف تحصلين على بشرة بيضاء أكثر نقاءًا بدون كيماويات

GMT 23:19 2020 الأحد ,19 إبريل / نيسان

مجوهرات كارتييه أصل الفخامة والاناقة

GMT 18:35 2019 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

تعرفي على مخاطر الحمل بعد الـ 35 وطرق تخفيفها

GMT 20:02 2019 الخميس ,24 كانون الثاني / يناير

هبة يوسف تستعد لتصوير أغنيتها الجديدة "متجيش على حد"

GMT 21:12 2018 الإثنين ,07 أيار / مايو

"بدل رجالي" غير تقليدية لإطلالة مميزة في 2018

GMT 18:01 2018 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

الفنان أحمد فهمي يكشف عن غضبه من انتقاد نادر عدلي

GMT 22:21 2017 الأحد ,08 كانون الثاني / يناير

لقاء سويدان تقدم التهنئة إلى عمرو سعد على نجاح "مولانا"
 
arablifestyle

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

arablifestyle arablifestyle arablifestyle arablifestyle