أكدت الممثلة المسرحية التونسية والناشطة الحقوقية ، ليلى طوبال ، وجود مقدسات أخرى ممنوعة من التعدي او اللمس على غرار الحريات ، ومع ذلك ترى أن مسالة الحريات محسومة وغير قابلة للنقاش ، لافتة إلى أن الحريات في رأيها اكتسبت ولن يتم التفاوض في شأنها من جديد .
وقالت طوبال إن هناك أشياء في تونس تتطلب النقاش والتحليل والعمل على إيجاد حلول لها أكثر من مناقشة الحريات التي هي في الأصل مكتسبة ، ولا يمكن لأحد ان يفتكها ، مطالبة بالاعتناء بالفقر والجوع والبطالة وغيرها من الأمور ، والاعتناء بمسائل محصلة ومكتسبة ، والحريات من المسلّمات رغم كل ما يحدث ولا جدال في ذلك ولن تناقش اليوم بعد أن بلغ أشواطًا هامة في شأنها ، لكن القضايا الكبرى هي التي بقيت عالقة ولم يحسم أمرها بعد .
ورأت ليلى طوبال خلال حوارها مع "لايف ستايل" أن الحكومة هي التي صنعت الخوف لدى العديد من الناس لتلهيهم عن المشاكل الحقيقية ولتشتتهم ، لتحدث شرخًا كبيرًا فيما بينهم ، وهي التي قسمت التونسيين وهي التي أخاطت ملامح ذلك الخطر الذي يخشاه البعض وهي التي لم تمنح التونسيين أي مؤشر يوحي بصدق نواياها ووعودها ، حيث أن أموال التونسيين المنهوبة لم يتم استرجاعها بعد من الخارج ، وقتلة الشهداء لم يحاسبوا بعد ، ودرجة النمو الاقتصادي تحت الصفر وتعيينات ومحاصصات وتقسيمات للحقائب والمناصب.
وتساءلت طوبال "كيف نطلب من التونسيين ألا يخشون على انفسهم وعلى حرياتهم من هؤلاء الذين لم يتقدموا حتى الأن قيد أنامله وكل ما فعلوه هو الصمت على بعض التجاوزات التي تحصل في حق الصحافيين والمربين وغيرهم والاكتفاء بدور التفرج ثم التنديد والوعود لا غير.
وشددت طوبال على أنها ترى أن الحرية لن تكون صدقة ولا نداءً أو إهداءً وإنما هي حق مكتسب لكن هذا لا يمنع أن هناك بالفعل تهديدات تترصد بها وهناك رسائل ومؤشرات توحي بولادة نوع جديد من الديكتاتورية.
وفيما يتعلق بدور المبدع في المجتمع ، أوضحت طوبال أنه يتمثل في بناء مجتمع متوازن ، وعلى المبدع أن يكون صوت وصورة لكل ما يحدث وما يجب أن يحدث لكن دوره أيضًا أن يتكلم ويعبر كمواطن ولا يكتفي بالتعبير من خلال الإبداع ، وهي ترى أن هناك مسائل لا يمكن أن تنتظر إنجاز مسرحية لمناقشتها ، لتقول رأيها فيها.
وقالت طوبال "هناك أمور يجب أن تتكلم فيها كمبدعة وكمواطنة غيورة على بلدها فالعنف والتقتيل والدعوة إليهما تجبرك على الكلام بعيدًا ، حتى عن الإبداع ، حيث أن المسرح تعرفه منذ 22 عام لكن الثورة لا تعرفها ،مازالت تتحسسها وما زالت تكتشف وتحاول التعرف عليها ولا يمكنها أن تكتفي بمشاهدتها من بعيد أو تناولها في أعمالها فقط" .
وأضافت طوبال أن الخوف على مجلة الأحوال الشخصية وطلب عدم المساس بها ليس أهم من الخوف على الشباب الذي مازال يبحث عن سبل للهجرة السياسية إلى اللامبيدوزا ، مطالبة عدم المساس بالحريات الشخصية ليس أولى من البحث عن حلول للفقراء والجياع والفاقدين لأي سند في الحياة ولأي مورد رزق ، كلها أمور يطالب بها السياسيين والمسؤولين ليست أهم ولن تكون أولى من هؤلاء الذين يبيتون بلا أغطية ولا يقدرون على مزاولة تعليمهم ويسكنون الخراب ،هؤلاء هم الأولوية قبل الحديث عن الانتماءات والاختلافات الأيديولوجية والعقائدية وغيرها".
وأشارت طوبال إلى أنها لا تعتقد أنه آن الآوان للحديث عن أهداف الثورة التي لم تنته بعد ، قائلة "الثورة مازالت مستمرة ما دام هناك ملفات لم تفتح بعد وما دام هناك خطر على تونس ، ليس من السهل القضاء على الفساد الضارب في كامل البلاد ،لكنها تطالب هي والشعب التونسي يريدون إشارات من الحكومة ومؤشرات توحي بنية الإصلاح وإعادة البناء".
وأوضحت طوبال أن المسرح له اتجاهه منذ أمد ولن يغير مساره أبدًا باعتباره متمردًا بطبعه وثائر وليس مواليًا أو منحنيًا ، مضيفة "المسرح ليس في حاجة إلى قرارات من الحكومة أو مقترحات منها ليدافع عن وجوده ، ولن يتعطل المسرح إذا تعطلت أعمال الحكومة فهو قادر على مواصلة مساره".
وتابعت طوبال "أنا ضد هذه لجنة التوجيه منذ البداية ، حيث أنها لجنة رقابة وليست توجيه ، كما أنهم في مسرح الحمراء لا يبيعون ولا يشترون مع تلك اللجنة فإما أن يترك عملهم الإبداعي مثلما هو أو يلغون ولا يمررونه ، ذلك كان مبدؤهم منذ الأول وشعارهم الذي رفعوه ضد الرقابة ، لم ولن يقبلوا بعرض أعمال مصنصرة .
ولفتت لافتة إلى أنها تريد مسرحًا للجميع ، وأنها تريد مسرحًا يتعامل مع ذكاء المتفرج ويتواصل مع حسه و ذكائه ، متابعة "أحب مسرحًا يقربني من الجمهور ولا ينفر الجمهور منها ، وفي المقابل هي ضد كل مسرحي يعتبر نفسه أذكى من المتفرج فتصبح أعماله مواعظ ودورس وتنظير كما أنها ضد المسرح الذي لا يبلغ رسائل ويقف دوره عند الأضحاك ، على حد قولها.
Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©
Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©
أرسل تعليقك