كشف الدكتور طلال عتريسي، الأستاذ المحاضر في كلية العلوم الاجتماعية، في الجامعة اللبنانية، أن ما يحيط بالإنسان العربي من فوضى لا سيما في السنوات الأخيرة، تكون أحد أسباب العدوانية التي يعبر عنها في سلوكه أو في مواقفه، ولا ننسى أن أنظمة الحكم الظالمة طوال سنوات من الاستبداد، تركت في داخل هذا الإنسان رغبة عميقة للتمرد، وعندما حانت الفرصة وبغض النظر عن أسبابها ومبرراتها وآفآقها، اندفع هذا الإنسان إلى العنف، وأن بعض الإيديولوجيات الدينية التي حملتها جماعات معينة تشجع بدورها على هذا العنف الذي يطغى اليوم وللأسف على المشهد الاجتماعي والسياسي في بلادنا العربية.
وأضاف عتريسي في تصريحات خاصة إلى "لايف ستايل"، أن المرأة حققت تقدمًا مهمًا في مجالات التعليم والعمل وفي الوصول إلى وظائف ومهن عليا مختلفة، ويتفاوت هذا الأمر بين بلد وآخر. كما تأسست جمعيات نسائية كثيرة تدافع عن حقوق المرأة وعن المساواة وعن التمكين وعن المشاركة السياسية "الكوتا"، وتبنت الأمم المتحدة الكثير من القرارات المؤيدة للمرأة، وذلك يعني أن الأفكار الاجتماعية والثقافية تغيرت تجاه المرأة، مؤكدًا أن هذا التغير احتاج لكي يتحقق إلى انتشار التعليم السمي وتوسع استخدام التكنولوجيا، والحاجات الاقتصادية التي دفعت المرأة إلى سوق العمل، وتوسع المدن التي جلبت النساء مع عائلاتهم إلى مغادرة الأرياف، أي أن التغير هو نتاج منظومة متشابكة ومتدرجة، ولذا لا يمكن بالنسبة إلى المجتمعات العربية مجرد الدعوة إلى إلغاء المجتمع الذكوري أو القضاء عليه من دون تقديم البدائل الواقعية في هذا المجال، ومن دون أن تتوفر تلك المنظومة الثقافية والدينية والاجتماعية التي تقبل بذلك.
وأشار إلى أن السلبية هي نتاج أمرين، الأول هو الأنظمة الاستبدادية التي منعت طوال عقود أي مباردة سياسية أو اجتماعية أو ثقافية وخنقت كل ما يمت إلى التغيير بأي صلة بحيث تطغى السلبية التي يعتقد معها الإنسان بلا جدوى العمل أو المبادرة، والسبب الثاني يعود إلى أنظمة التعليم التي تقوم على الحفظ والحصول على العلامات كشرط للنجاح من دون أي فرصة للمبادرات الفردية في البحث أو العمل الجماعي بين التلاميذ في المدارس والطلاب في الجامعات، لهذا السبب نلاحظ اليوم أن تجاوز السلبية "الحراك والربيع"، الذي نشهده في المجتمعات العربية منذ بضع سنوات قد تحول في كثير من الحالات إلى العنف والفوضى.
وأكد أن "الغاية تبرر الوسيلة" سمة لا تقتصر على مجتمعاتنا العربية، بل هي سمة الدول الكبرى وسياساتها التي تعكس هيمنة المصلحة والغايات على القيم والأخلاق، فإذا كانت المصلحة تقتضي الحرب فلتكن الحرب، وإذا كانت المصلحة أو الغاية تفرض التخلي عن هذا الصديق أو الحليف فليكن ذلك، ولم تعد القيم هي التي تفرض ما ينبغي عمله، هذا وللأسف ما يحدث في عالم اليوم.
وأوضح عتريسي أن للأسرة كما هو معلوم دور مهم في التنشئة الاجتماعية وفي الإعداد للمستقبل. ولذا تؤكد كل النظريات والتجارب على أهمية الاستقرار الأسري كأحد أهم العوامل في تنشئة الأبناء بشكل سليم يبني شخصية متوازنة، فالمشاكل الأسرية تؤدي إلى اضطراب الأبناء فيفقدوا معها المعايير التي يجب أن يعودوا إليها في قراراتهم، الأسرة هي المكان الذي يجب أن يعتاد فيه الأبناء على الاحترام المتبادل. وأضاف "يجب أن يعتاد الأبناء على تحمل المسؤولية بدرجات متفاوتة وهم يعيشون مع عائلاتهم لكي يتمكنوا من القيام بتلك المسؤولية في المجتمع لاحقا". بهذه الطريقة وبهذا الأسلوب التربوي نساهم في خلق أجيال سوية قادرة على مواجهات التحديات المختلفة في الحياة.
وأعلن أن النظام التعليمي يلعب دورًا مهمًا ومؤثرًا في حالة التردد والتعثر التي تعيشها مجتمعاتنا، لأن الطفل يقضي نحو 15 عامًا متواصلة في المدرسة ونحو 5 إلى سبع سنوات في الجامعة. أي أكثر من عشرين عامًا في ظل النظام التعليمي. ولذا من الطبيعي أن يكون لهذا النظام التاثير الكبير على شخصيته وعلى طريقة تفكيره، مشيرًا إلى أن هذا النظام لا يزال نظامًا تلقينيًا ولا يهتم كثيرًا بالجوانب البحثية، ومن المعلوم أن أي تطوير لا يمكن أن يحصل من دون مراكز البحث والتفكير والتخطيط المستقبلي. وهذا لا يزال ضعيفًا أن لم يكن مفقودًا في بلداننا.
وبيّن أن المرأة على الرغم من انها تعمل لا تشعر بقوتها إلا اذا كانت في حمى رجل، مؤكدًا أن ذلك نتيجة الموروث الثقافي والاجتماعي والبيئة التي تعيش فيها، ولكنه من جهة ثانية له علاقة بالجوانب السيكولوجية للمرأة عمومًا التي تشعر بمثل تلك الحاجة إلى وجود رجل بجانبها بما يمثل من قدرة على تحمل المشاق ومواجهة الصعوبات بحيث تتكامل هي معه لجهة الجوانب العاطفية والأنثوية التي تمتلكها، ولكن هذه الحاجة إلى التكامل لا تبرر التسلط الذي تتعرض له المرأة في كثير من الحالات.
وأفاد أن الطريقة المثلى للتربية، أن تكون تربية الفتاة متوازنة بحيث تتدرب منذ الصغر على تحمل المسؤولية، مثل الذكور تمامًا، كما أن البيئة العائلية المستقرة تخلق في نفوس أبنائها ثقة بالنفس وبالأسرة في وقت واحد، بحيث يتمكن هؤلاء من مواجهة الحياة وصعوباتها، وإن إتاحة الفرصة لمشاركة الفتاة في الأنشطة الاجتماعية المختلفة في المدرسة وفي المجتمع سيعزز من ثقتها بنفسها ويطلق قدراتها المختلفة.
ولفت إلى أن العدوانية تجاه المرأة الناجحة لا تقتصر على الرجال الذين قد يرون في هذا النجاح تحد لرجولتهم التقليدية، ولكن الغريب أن تكون النساء هن من يمارسن العداونية تجاه المرأة الناجحة، ولعل الأمر يعود إلى حالة الغيرة والتنافس والرغبة في جذب الاهتمام التي تشعر بها المرأة عمومًا، لذا تصبح المرأة الناجحة هي محط الأنظار وموضع الاهتمام ما يثير حنق الأخريات وعدوانيتهم، أما الرجال عمومًا فهم يعتقدون بأن النجاح والتفوق والمناصب العليا يجب أن تكون حكرًا عليهم وهم غالبًا لا يثقون في النساء حتى لو كانوا في مواقع قيادية.
GMT 07:09 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر
إستشاري يوضح طرق علاج التهاب الأذن المصاحب لآلام الفكGMT 09:39 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر
طبيب يوضح طرق التعامل مع فقدان الطاقةGMT 07:30 2024 الأحد ,08 أيلول / سبتمبر
استشاري يوضح أسرع طريقة للاستفادة من فيتامين دGMT 13:33 2024 الأربعاء ,14 آب / أغسطس
استشاري تغذية توضح المسموح والممنوع من الأكلات أثناء فترة الرضاعةGMT 11:47 2023 الإثنين ,21 آب / أغسطس
نصائح تجعل المشي في المولات رياضة مفيدةGMT 18:07 2023 السبت ,12 آب / أغسطس
متحور "كورونا" الجديد ينتشر حول العالم دون أن يشكل خطراًGMT 13:09 2023 الثلاثاء ,08 آب / أغسطس
نصائح طبية للتعامل مع الإمساك لدى الأطفال حديثي الولادةGMT 17:01 2023 الأحد ,21 أيار / مايو
علامات تحذيرية قبل الإصابة بالسكتة الدماغية Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©
Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©
أرسل تعليقك