تُعانق محافظة ظفار الساحل الجنوبي لشبه الجزيرة العربية، وتُقدّم لزائريها أماكن طبيعية خلابة وتاريخاً وثقافة غنيين، فطالما اشتهرت ظفار في العصور القديمة بكونها مصدر تجارة اللبان، وهي تُحافظ على آثارها التي تتواتر الأخبار عن حفريات ولقى ثمينة فيها. وتمتد محافظة ظفار لـ 99.300 كيلومتر مربع.
يتحدث بخيت الشحري، المرشد السياحي العُماني، مؤسس شركة Discover Salalah tours، لـ «سيدتي» عن تميّز محافظة ظفار عن غيرها من مناطق الخليج العربي، لنواحي التنوع البيئي والمناخ والتضاريس؛ إذ تشغل الجبال معظم المساحة، التي تتحول من نهاية يونيو إلى نهاية سبتمبر إلى واحات خضر وشلالات جارية بفعل هبوب الرياح الموسمية القادمة من المحيط الهندي، في ما يُعرف محلّياً بفصل الخريف.
ظفار وتصدير اللبان إلى العالم
يقول الشحري: «طالما اشتهرت ظفار بتصدير اللبان إلى حضارات العالم القديمة (الرومانية والإغريقية والفراعنة)، فلم تكن عملية التحنيط ممكنة من دون اللبان الظفاري الذي كان يُصدّر من ميناء سمهرم العائد تاريخه إلى الألف الثالث قبل الميلاد والمدرج في قائمة التراث العالمي في عام 2000 ميلادي. علاوةً على ذلك، كانت من «سمهرم» تنطلق القوافل التجارية المحملة بالبخور». ويضيف أنه «من بين مواقع ظفار، فضلاً عن سمهرم، ضُمّ كل من محمية أشجار اللبان (وادي دوكة) والمدينة المفقودة أوبار إلى لائحة اليونسكو للتراث العالمي. ففي أوبار، آثار تشير إلى أن استيطان هذه الأرض يرجع إلى العصر الحديدي؛ أي إلى نحو سنة 325 قبل الميلاد. في هذا الإطار، كشفت أعمال الحفر والتنقيب في الموقع عن وجود مدينة أثرية قديمة يعتقد أنها مدينة «إرم ذات العماد» التي ذكرت في القرآن الكريم. ولا تزال أعمال الحفر مستمرة للكشف عن المزيد من الآثار».
العيون المائية في ظفار
إضافة إلى الأماكن التاريخية المذكورة آنفاً، يُسلّط المرشد السياحي الضوء على العيون المائية دائمة الجريان، مثل: عين وادي دربات التي يستطيع الزائر الجلوس على ضفاف بحيرتها، والاستمتاع بخرير الشلالات الجارية وركوب القارب أو الخيل، كما المشي في رحاب الوادي الذي لا يخلو غالباً من مجموعات الإبل والماعز والبقر. تشتمل العيون الشهيرة أيضاً، على: عين أثوم وعين كور وعين طبرق وعين جوجب. كما تتعدد في المحافظة الجبال الشاهقة، ومنها: قمة جبل سمحان التي ترتفع لـ 2100 متر فوق مستوى سطح البحر؛ ما يجعلها وجهة لكثير من محبي التسلق والتخييم، علماً أن بعض القمم يُشرف على شواطئ بحر العرب والمحيط الهندي. يظهر ذلك جلياً في شاطئ المغسيل، وشاطئ الفزايح الذي يطلق عليه السائحون الأوروبيون اسم «كاريبيا العرب».
صحراء الربع الخالي المعروفة بكثبان رمالها الذهبية والسماء المُلبدة بالنجوم وجهة محببة لعشاق الصحراء وللسائحين الأوروبيين من خارج منطقة الخليج العربي. كما يتوافر في المكان، العديد من المخيمات المهيئة للسائحين للمبيت فيها.
جاذبية صلالة
إلى ذلك، يتحدث المرشد السياحي عن جاذبية صلالة الواقعة على الساحل الجنوبي لسلطنة عُمان، التي تشتهر بشواطئها وجبالها وصحاريها ومزارع الموز. يقول عن الوجهة، إنها «سياحية بامتياز، ومفتوحة في كل شهور العام للسائحين، من كل أنحاء العالم»، موضحاً أنه «في الخريف الماطر في ظفار، يُلاحظ أن غالبية السائحين تنتمي إلى دول مجلس التعاون الخليجي»، مع الإشارة إلى تنظيم العديد من الفعاليات (مهرجان خريف صلالة وفعاليات عودة الماضي التي تشتمل على عدد من الأنشطة والفنون لمحاكاة بيئات محافظة ظفار). أمّا في الوقت الراهن؛ أي من أكتوبر حتى أبريل، فإن الوجهة دافئة ومقصودة من السائحين من كل دول العالم، لا سيما الدول الأوروبية، مع توافر المنتجعات السياحية والفندقية ذات المواصفات العالمية وجهود للتعريف بثقافة السلطنة التي تعتمد على منهجية الآية القرآنية «يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير» الحجرات 13، وعلى مبدأ الآية القرآنية الكريمة: «وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم» الأنفال 61.
لغات عربية جنوبية سامية قديمة
يفيد المرشد أن ظفار مختلفة أيضاً، من الناحية الثقافية؛ إذ لا يزال سكان هذه المحافظة يتحدثون، إلى جانب العربية، لغات عربية جنوبية سامية قديمة وغير مكتوبة، كالشحرية والمهرية والهبيوتية، ويعيشون في ما بينهم في مودة وتراحم وتعاون في الأفراح والأتراح، ويتزاورون، ويتشاركون موائد الطعام التقليدية التي لا تخلو في الغالب من اللحوم التي تُطهى على الأحجار الساخنة، وتسمى محلياً «المضبي»؛ أي اللحوم المطهوة مع الأرز والمطيبة بالبهارات. لحسن الحظ، فإن زائر المحافظة يمكنه تجربة كل هذه الأكلات كالمضبي والأرز بأنواعه والفطيرة في منطقة أتين ومطاعمها الشعبية.
صلالة في عينيّ رحالة إماراتي
عن تجربة السفر إلى صلالة، يتحدث صالح مخدوم، رحالة إماراتي، لـ «سيدتي»، فيقول إن «خمسة أيام كافية لاستكشاف المدينة، علماً أن الخريف هو الموسم المفضل لزيارة الوجهة، التي تمتاز بجمال طبيعتها وتضاريسها، من جبال شاهقة وشواطئ رملية بيضاء اللون وأودية، علماً أن الشواطئ لا تصلح للسباحة في الخريف لاهتياج البحر».
ويُلخّص الرحالة العناوين السياحية الجديرة بالزيارة في صلالة بوادي دربات والشلالات، مع الإشارة إلى أن صلالة تتمتع بمناخ معتدل طوال العام؛ الأمر الذي يسمح بالمتعة بالأنشطة الخارجية واستكشاف المعالم السياحية.
ويضيء الرحالة على الثقافة والتراث العُماني الغني، اللذين تكشف عنهما قلعة صلالة التاريخية كما مهرجان خريف صلالة، الذي يُنظّم في كل عام، ويُعدّ من المهرجانات الثقافية الأهم في المنطقة.
ناس صلالة مضيافون وكرماء يستقبلون ضيوف مدينتهم بالترحاب، فلا يخلو مكان من الضيافة المتمثلة في القهوة والحلوى العُمانية، بحسب مخدوم، الذي ينصح الذواقة بتناول طبق المضبي الذي يُقدّم في غالبية المطاعم، كما الأكلات العمانية الشعبية والحلوى العُمانية ذات المذاق الفريد، وهي عبارة عن خليط من السكر والمكسرات والنشاء، مع نكهات مختلفة تُقدم مع القهوة، إضافة إلى الفواكه الاستوائية المتوفرة في الخريف، مثل: «المشلي»؛ أي جوز الهند.
عناوين لا تفوَّت في صلالة
ثمة عناوين سياحية، ينصح الزائرون بقصدها في صلالة، هي:
جامع السلطان قابوس: يتمتع المسجد الأكبر لناحية المساحة، في صلالة، بتصاميم عربية كلاسيكية على الأبواب الخشبية الرائعة عند المدخل، مع ملاحظة ضم المساحة قاعتين للصلاة: واحدة للذكور والثانية للنساء، علماً أن الأولى أكثر اتساعاً ومزينة بشكل جميل، لناحيتي الجدران والأرضيات المكسوة بسجاجيد خضر ومضاءة بالعديد من الثريات. واحدة من عوامل الجذب الرئيسة لهذا المسجد هي الثريا الرائعة التي تقع تحت القبة المركزية.
شاطئ المغسيل: تستغرق الرحلة إليه 40 دقيقة بوساطة السيارة، انطلاقاً من صلالة. مياه البحر الزرقاء والرمال البيضاء على الشاطئ تجعلان المكان مفضلاً للزيارة في صلالة مع التنزه حفاة والإحساس بجو الشاطئ الذي يعدّ أيضاً بقعة مثالية لمراقبي الطيور.
قلعة طاقة: بُنيت في القرن التاسع عشر وكانت المركز الإداري ومقر إقامة العديد من الحكام حتى عام 1984. بعد تولي وزارة التراث والثقافة مسؤولية القلعة، قامت بترميمها، مع الاحتفاظ بالأسلحة القديمة والمجوهرات والأثاث واللوحات الفنية. تتألف القلعة من طابقين: يتضمن الطابق الأرضي غرفة للحارس وسجناً وتنوراً وحمّاماً ومخزناً لحفظ الأدوات المنزلية والأسلحة والحطب والمواد الغذائية. وفي الطبقة الأولى، هناك مطبخ واستراحات وجناح للمحافظ وأسرته. يقرب العنوان من شاطئ رملي أبيض جميل.
قد يهمك أيضا:
GMT 13:57 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر
بورميو الإيطالية وجهة مثالية لعشاق رياضة التزلجGMT 10:38 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر
أنشطة سياحية يمكنك القيام بها في أومبريا الإيطاليةGMT 09:23 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر
أفضل الوجهات السياحية الجديرة بالزيارة في فصل الشتاءGMT 20:44 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر
سريلانكا وجهة سياحية جذّابة تجمع بين الطبيعة الخلابة وعبق التاريخGMT 09:39 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر
نصائح يجب معرفتها قبل السفر إلى الجزائر للمرة الأولى Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©
Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©
أرسل تعليقك