المشكلة : ولدت بأسرة ممتازة الحال، وتربيت في عائلة علمية مسلمة مثقفة، لكن لما كنت صغيرًا كانت هناك مشاكل بين أمي وأبي، وهي قليلة، وردود فعل أبي كانت مخيفة جدًا، وكنت أغار من إخواني وأصدقائي، وكنت أشعر بأني شيء قليل، كان أقرباؤنا يعزمون إخواني ليناموا عندهم وأنا لا أحد يناديني، وكان عندي خوف أن أفقد أحد أهلي، بحيث أبكي يوميًا. بدأت المدرسة، وكنت من أشد المتفوقين، وبدأت عندي تخيلات أن المدرسة تحبسني وتعذبني، أحكي ذلك كقصة لحالي قبل النوم، وكنت أتخيل أني أخدم ابن جارنا، وكنت أبتكر ألعابًا حتى أصل لأقدام أصدقائي بدون أن يحسوا، وبدأت تزداد الحالة دون أن أعرف أن هذا الشيء انحراف سلوكي، وصرت أقبل أحذية بدون أن يراني أحد، ولما أصبح عمري 18 سنة حصلت على كلية الطب وبتفوق كاسح، وكتبت في النت (رجل يتذلل لزوجته) وانصدمت بأن هذه أمراض، وكان يوم مزلزلاً، بعدها تعلمت من فيديوهات الماسوشية، وبدأ يظهر حبي الشديد بأن أرضخ لملكة، إلى أن صرت مدمنًا على العادة السرية والفيديوهات. آخر شيء اليوم عملت حساب فيس بوك وهميًا أبحث عن ملكات، تكلموا معي على الخاص وذلوني، ووصلت بي الأمور إلى ما لا يمكن قوله من ذل ومهانة، وكنت في قمة النشوة، وهكذا الأمور تزداد تعقيدًا أكثر فأكثر، وأظن أن هذا المرض سيودي بي إلى الهاوية، وأجد نفسي لا أستطيع مقاومته، مع العلم أن ضميري يعذبني. كل ما أريده أن أكون إنسانًا طبيعيًا، أتزوج وأفرح بأولادي، وأن أمارس الجنس الطبيعي مع بنت أحبها. حاليًا لا أستطيع أن أحب بنتًا طبيعية؛ لأني بالمحصلة لن أستطيع أن أمارس معها جنسًا طبيعيًا فيما لو تزوجتها.
الحل : عند الحديث عن المازوخية (الماسوشية)، لا بد أن يرافقها الحديث عن السادية. هاتان النزعتان متأصلتان في النفس البشرية، فالماسوشية تعني التلذذ بالألم والخضوع للآخرين، بينما السادية تتجه مشاعر اللذة في إيقاع الألم بالآخرين، والماسوشية حالة من الانحراف عن حدود السواء، وهي منتشرة بين النساء أكثر من الرجال، ويجدر الإشارة أن تلك النزعات الفطرية في حدودها الطبيعية لا تعد شذوذًا أو انحرافًا، لكن عندما يصبح مصدر اللذة الوحيد للشخص بتلقي الألم النفسي، الجنسي، أو الجسدي؛ هنا يعد شذوذًا وانحرافًا عن السواء. والمازوخية ببساطة الشعور بالاستثارة والنشوة الجنسية عند تلقي الألم والعذاب والإذلال من الآخر، وهي مرتبطة بالجنس، وتصنف ضمن نطاق الشذوذ الجنسي، وهي على نقيض النزعة السادية، ففي حين ينتشي السادي ويستمتع لإيقاعه الألم على شريكه الجنسي، فإن المازوخي يستثار ويتلذذ بتلقي الألم وكل أشكال المهانة والإذلال. وحتى يصنف الشخص ويشخص بأنه مازوخي؛ لا بد أن يشعر بالألم الحقيقي، أي أنه مصحوب بفعل وليس مجرد تخيلات، وقد يلجأ الشخص المازوخي لإيقاع الألم بنفسه إن لم يتوفر الشريك، كربط نفسه بالسلاسل، أو وضع كمامات على وجهه، وفي بعض الحالات يكون الشخص لديه نزعتان: مازوخية وسادية، ويحب أن يتنقل بالأدوار بين التلذذ بإيقاع الألم بالآخرين، أو أن يقع عليه الأذى والألم الجنسي والجسدي والنفسي، وهذا ما يدعى السادوموزخيم. وبالغالب ما ترتبط الماسوشية مع " الفتشية " وهي إحدى النزعات الجنسية التي تتطور لدى الفرد من مراحل تمتد للطفولة المبكرة، لأسباب تتعلق بعلاقة الطفل بوالديه، فالتعرض للقسوة من قبل الأبوين أو أحدهما يترك آثارًا نفسية تكبت في اللاشعور، وتظهر على شكل نزعات متطرفة، فيتعلق الشخص الفتشي بقدم المرأة أو أجزاء من جسدها أو مقتنياتها، وهذه الأشياء بالأصل لا تثير جنسيًا، ولا شك أن هذه النزعات يحركها الإفراط في ممارسة العادة السرية، ومشاهدة الأفلام الإباحية الشاذة، والتي تبدأ في أوجها في مرحلة البلوغ، نتيجة الرغبة الجامحة في إشباع الغريزة الجنسية، والذي يحركها الخيال الجنسي، والذي يأخذ أشكالاً متطرفة عن السواء، عندما يصبح مركز اللذة أو الإشباع في أجزاء من جسم المرأة، والتي هي بطبيعتها لا تثير جنسيًا أو بمعنى أدق ليست هي مصدر الإشباع الجنسي كما ذكرنا سابقًا. يمكننا حصر التدخلات العلاجية فيما يلي: أولاً: عند حديثنا عن العلاج؛ فالنقطة الأساسية بالعلاج تتمثل بوجود إرادة وعزيمة حقيقية للتخلص من هذه الميول المتطرفة، ونحن نلمس في شخصيتك الإرادة والعزيمة، كما ينبغي إيقاظ الوازع الديني؛ لأنه يشكل قوة ودافعًا قويًا سيساعدك على الالتزام والمقاومة، فما عليك إلا بتجنب مصادر الإثارة كالأفلام الإباحية، والوعي بأضرار الإفراط بممارسة العادة السرية وتأثيرها على الصحة النفسية والجسدية والاجتماعية، وتعميق الوازع الديني من خلال الدعاء والتضرع لله عز وجل، وهنا الخضوع إيجابي؛ لأنه يربط العبد بخالقه. أما بالنسبة لعلاقتك بالجنس الآخر؛ فهذا الموضوع يحتاج لأخذ مبادرات ومقاومة أي أفكار استباقية غير عقلانية، فلا يجوز أن تتخوف من شيء لا تعلمه، فتلك المشاعر لا تكون صادقة؛ لأنها غير مستندة لحقائق، وإنما أحاسيس تحركها العواطف، المهم أن لا تستسلم للأفكار السلبية، وتقاوم أي رغبات أو نزعات متطرفة؛ حتى تعود الفطرة لسويتها. ثانيًا: العلاج النفسي الفردي: أنت بحاجة إلى تلقي جلسات علاج سيكودينامي تحت إشراف معالج نفسي تحليلي متمرس في مثل هذا النوع من العلاج، فهو يقوم على استخراج المكبوتات المتراكمة في اللاشعور من مراحل تعود للطفولة، وإخراجها لحيز الشعور، وفحص وطبيعة علاقتك بوالديك والظروف البيئية التي نشأت بها، وزيادة استبصارك بمآل هذه السلوكيات المتطرفة، هذا النوع من العلاج قد يكون طويل الأمد، ويحتاج إلى حرفية من قبل المعالج النفسي، وله أساليبه مثل التداعي الحر، التنويم الايحائي، التحويل، التفسير والأحلام، وغيرها. ثالثًا: العلاج المعرفي السلوكي: هذا المنهج العلاجي يستند على تحرير العقل من الأفكار المشوهة، وفك الارتباطات الشاذة في الخيال المرتبطة بمراحل الطفولة عن طرق أساليب سلوكية تعتمد على التنفير، وتصحيح مسار السلوكيات الشاذة، ويفضل أن يكون تحت إشراف أخصائي نفسي. رابعًا: العلاج الدوائي: تساعد بعض العقاقير النفسية في التخفيف من القلق، والأفكار الملحة المرتبطة بهذه السلوكيات، وينبغي أن تؤخذ هذه الأدوية تحت إشراف طبيب نفسي بعد معاينة حالتك، وتقييم شدة تأثير هذه السلوكيات على حياتك اليومية وعلاقاتك الاجتماعية، وكذلك نظرتك لذاتك، وفحص مدى اتزانك النفسي.
Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©
Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©
أرسل تعليقك