المشكلة: أنا شابة في الثلاثين من عمري، والديّ منفصلين منذ صغر سني، لم أترعرع في حضن أبي ككل الفتيات ولم أشعر بحبه وعطفه، مع أنّ والدتي (الله يرضى عليها ويرضيها) ما قصّرت، كانت تقرّبنا منه ومن كامل عائلته. كان والدي مدمن للمخدرات وتزوج امرأة مثله غير أمي عندما كنت أنا في الرابعة عشرة من عمري، وسجن عدة مرات، وعندما خرج من السجن كنا نزوره في بيته بناء على رغبة زوجته، وكانت تبعده عنا وعن إخوتنا منه، فهناك جفاء دائم، مهما فعلنا من محاولات للتقارب والبر. تحملت أمي عبء تربيتي وأخي الذي يكبرني بعام واحد، حتى تزوجنا، ولم يحضر والدي أفراحنا بل وحرض علينا أعمامي وعماتي الذين كنا على علاقة طيبة معهم، ومنعهم من حضور زفافي وزفاف أخي، ومن عارضه الرأي كان يتخاصم معه ويقاطعه. مشكلتي أنني أشعر بالذنب، وأتخيل أن المشكلات التي تحدث معي في الإنجاب والتوظيف هي بسبب سوء العلاقة مع والدي، علمًا بأنه هو الذي قطعنا وليس نحن، ماذا أفعل؟
الحل: دعيني في البداية، أشاركك الشعور بالامتنان لوجود شخصية مثل شخصية والدتك في حياتك يا عزيزتي، فإن كان هناك ابتلاء في فقد "الأب السوي" فقد عافاك الله وأكرمك بوجود هذه الأم. هل تذكرين يا عزيزتي قصة الأب الذي ذهب يشتكي ابنه عند عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فسأله عن رعايته له وهل حفظه القرءان الكريم وهل اختار له أمًا جيدة فكانت الإجابات بـ"لا" وكان رد عمر رضي الله عنه :" لقد عققته قبل أن يعقك"؟!! إن العقوق يا عزيزتي ليس صاعد من الأبناء لآباء فحسب بل هو واقع على الأبناء من الآباء أيضًا، اساءة وايذاء له ما بعده من آثار وخيمة على نفسية الأبناء وحياتهم وشخصياتهم في الدنيا، فضلًا عن توتر العلاقة الذي هو لابد حاصل بين الآباء والأبناء، وهو ما حدث معك وأخيك، ففيم الشعور بالذنب؟! مرة أخرى، فيم الشعور بالذنب يا عزيزتي الإبنة الطيبة البارة بأبيك على الرغم من كل شيء قصصته مؤلم وما لم تقصيه؟! كل ما هو مطلوب منك أيتها الطيبة أن ترفقي بنفسك، نعم ارفقي بها، كفي فورًا عن تأنيبها عن أشياء ليست مسئوليتها بالمرة، فلقد فعلت ما عليك وزيادة، ولا يكلف الله نفسًا إلى وسعها، فكيف تكلفينها أنت فوق الوسع، وفوق الجهد، وفوق المطلوب؟!! ما تجدينه من صعوبات أو مشكلات في الانجاب أو التوظيف أو كلاهما، هو من منغصات الدنيا وكدرها وليس لطبيعة علاقتك بأبيك رابط بذلك، إنما هو في تفكيرك أنت وفقط، فأحسني الظن بربك، وبنفسك، غيري أفكارك لتتغير مشاعرك وسلوكياتك، وخذي بأسباب حل مشكلاتك، وفوضي أمرك إلى الله في علاقتك بأبيك، وأكرمي والدتك وأحسني صحبتها، رتبي أولوياتك في العلاقات بشكل صحيح، واستعيني بالله ولا تعجزي.
Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©
Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©
أرسل تعليقك