صارت الأعراس السودانية لها طقوس جميلة وعادات ومورثات مختلفة ميزتها علي سائر ترتيبات الأعراس في بلدان العالم خاصة وأنها جمعت مزيج ثقافات عربية وأفريقية انصهرت في بوتقة واحدة أنتجت "المزاج السوداني" الخلاسي المتفرد في صناعة "الأفراح" وعادات الزواج السودانية هي مناسبات بطقوس جرت العادة على إقامتها كلما حلت مناسبة عرس سعيدة في بلاد النيلين وفقاً لمنظومة دقيقة ومترابطة من العادات المثوارثة التي تم تداولها و تناقلها من الأجداد علي مدي مئات السنين مثلها مثل غيرها من العادات السودانية الأخرى,
ويُعدّ السودان في تركيبته الإجتماعية "قارة" بحاله لتعدد أعراقه وقبائله التي تتمسك كل واحده منها بعادات تختلف عن الأخري باختلاف المناطق و القبائل نظرا إلى أن السودان متعدد الأعراق و الأجناس و ذلك بالإضافة إلى الأصول التي تنبع منها هذه العادات فمنها ما هو "فرعوني" كما في مناطق الشمال و منها ما هو "أفريقي" في الجذء الجنوبي، وتتمثل هذه العادات في قمة تألقها في السودان نظرا لإختلاط دم العرب النقي بالدم الأفريقي الساخن فكانت نموذجًا فريدًا لا مثيل لها، فتتفرد عادات الزواج وأحيانًا تتشابه وإن ظلت ما عرف بثقافة "الوسط" هي السائدة في الغالب الأعم.
المُتعارف عليه إن "الحناء" ترتبط بالمرأة ولكن في السودان مسموح للرجل أن يتخطب بالحناء مرتين فقط في حياته الأولى عندما يكون طفلاً في "عرس" ختانه، والثانية في زواجه، ومعروف أن قبل عملية الختان يجتمع الأهل والصحاب والجيران ويتم وضع "الحناء" للصغير الذي لايتعدى عمره الخامسة أو السادسة من عمره وتبدأ طقوس الحفل أشبه بحفلة حناء عريس مُبسط ويتم تزيين الصغير ووضع الكحل على عينيه وتفصيل جلباب خصيصاً لهذه المُناسبه ووضع هلال من "الذهب" على جبينه مثبت على شريط من القماش يُشترط أن يكون لونه أحمر يعرف بـ "الجبيرة" ومن ثم وضع خليط من الطيب على رأس الطفل يعرف بـ "الضريرة" وبعد هذه الطقوس يُكنى الصغير بـ "العريس" ومن ثم يُزف إلى عيادة الطبيب "الحيكم" يصحبه أقرانه وأعمامه وعماته وخالاته بالأهازيج والأغاني ومن المُفارقات أن ذات الأغاني هذه تغني للرجل السوداني في حنته الثانية "حنة العريس".
الحنة الثانية للرجل السوداني هي الأصيلة "حنة العريس" وهي بمثابة دلالة الفرح العظيم وتسبق مراسم الزواج بأسبوع على الأقل، وتُعتبر من أجمل طقوس الزواج السوداني، حيث يجتمع كل الأهل في هذه المناسبة خاصة أصدقاء العريس ، وكبار السن ويحرص السودانييون على حضور هذه المناسبة ويحتشد بيت العريس بالزغاريد ويُقام حفل مخصوص لهذه المناسبه يسمى "حفل الحنة" وتردد فيه أغاني كثيرة مخصصة لمناسبة حنة العريس في الغالب تنسجها أم العريس أو أخواته أو جداته وعماته وخالاته عرفت في السودان بأغاني "السيره" وهي أشبه بالفخر والإحتفاء بقيم الشجاعة والمروءة والكرم إيقاعها راقص ومتحمس بالطبول.
ومن أشهر الأغنيات "يمة الخير بريدو" ويقول مطلعها
يمة الخير بريدو.. حننو.. الليلة يوم جديدو
شوف اصحابو جوهو .. حننو .. وقفو شرفوه سيرو
شوف خالاتو جوهو .. حننو .. وقفوا جرتقوه الليلة سيرو
ومن العادات الجميلة في حنة العريس يقوم أصحاب العريس بحمله فوق الأعناق يدورو به ساحة المكان تصحبها زغاريد النساء وأغنيات السيرة المشهورة وتستمر ليالي الحناء من ثلاثة ليالي علي الأقل إلى خمسة أحيانًا وهي الأيام الحافلة التي تسبق ليلة الزفاف، وتتوزع حناء العريس علي بيوت أقاربه وأصدقائه المقربين وكل يبادر باستضافة ليلة الحناء في فناء بيته وتنقل ذات الشخوص والضيوف إلي ساحات فرح جديدة ويعدها البعض بمثابة ترويح وحبور وتخفيف رهق نفقات الزواج بالنسبة للعريس السوداني الذي يقع عليه عبء تكاليف الزواج بنسبة تتعدي 96%، وفي أحد ليالي الحناء يرسل أهل العروس في تقليد متوارث وجبة إفطار بكميات ضخمة إلى منزل العريس ومعها الهدايا والعطور العديدة لأم العريس في عادة عرفت بـ "فطور العريس" ولايُشترط إرساله في زمن وجبة الفطور أو الغداء وربما يتم إرساله ليلاً ولا حرج في ذلك وبعد أن ينتهي الحفل ويتناول الجميع العشاء، توضع صينية بها صحن كبير فيه حناء وفوقها تغرس الشموع ثم أطباق مليئة بالعطور المختلفة تُتعرف بـ "صينية الجرتق"، ويجلس العريس مرتديًا جلابية بيضاء على فراش مغطى باللون الأحمر وتحضر من النساء أكبرهن سنًا وغالبًا ما تكون الجدة فتغرس يدها في صحن الحناء وتضع جزءً منها على قدم العريس فتنطلق الزغاريد، ومن ثم يتناوبن النساء في وضع الحناء على القدمين، ومن ثم اليدين وبالطبع هي دون نقش، فقط تسوّد باطن القدمين وباطن الكفين وتضع شريطًا من الحناء حول الأصابع على ظاهر اليد، وتدعو النساء أصدقاء العريس بالمشاركة في وضع الحناء أيضًا على كفوفهم اليسرى وسط البهجة والزغاريد والأغنيات المعروفه بـ "العديل والزين"، وتصبح الحناء على الكفين رمزًا للعريس الجديد يتلقى التهاني من الناس في الشوارع والطرقات والمحال وأينما ذهب.