لم تثنِ الإعاقة، الأردنية مرام مهيدات، عن إكمال تعليمها الجامعي، وحصولها على بكالوريوس علم إرشاد، واستسلامها لظروف قاسية عاشتها، مضيفة "أنا أفضل بكثير من ناس يمتلكون أيدي"، وتفتخر بإعاقتها وعملها وكل شخص دعمها. ومهيدات التي أطلقت عليها وسائل الإعلام المحلية "ذات الأرجل الذهبية"، لأنها ولدت من دون ذراعين، وأدركت بفطرتها أن استسلامها يعني توقف الحياة فما كان منها إلا أن أكملت تعليمها الجامعي، وتعمل الان في مركز عالم البقاعي للرعاية والتأهيل الشامل.
ولم تتأثر مهيدات بقول رئيس إحدى الجامعات، عند تقدمها للحصول على الماجستير، "نحن لا نريد حالات إنسانية واستثنائية" عن العمل، في أحد المراكز التي تبناها صاحبه الدكتور محمد خالد البقاعي، واطلق عليها سفيرة مركز البقاعي. وأضافت "أدركت منذ صغري أنه يجب أن يكون هناك بديلًا لذراعي حتى لا أكون عالة على أحد، فبدأت بمحاولات لاستعمال قدمي في تيسير أموري. بدأت اكتب بقدمي، وأتناول الطعام، واصنع القهوة وارتدي ملابسي، وأمارس كل الأمور الحياتية، الأمر الذي جعلني اعتمد على قدمي اليسرى أكثر من اليمنى لأني استعملها باستمرار، في الكتابة والأكل وكتابة المسجات على الموبايل، والكمبيوتر.
وأضافت في تصريحات خاصة إلى "لايف ستايل"، "أن الإرادة القوية تعطي الإنسان، عزم وإصرار، وهذا ما منحني إياه الله، وتعايشت مع وضعي كما هو وتقبلت حياتي، لأني كنت أرفض أن أجلس بالبيت وأطلب من الجميع مساعدتي، أو أن أبقى عاجزة أمام نظرات شفقة من أحد، لأنني متأكدة اني قادرة، ولم يشكل عدم وجود ذراعين لي أي عائق في ممارسة حياتي، فأنا أذهب إلى عملي كموظفة استقبال وإعلام".
ولم تخف مهيدات كرهها لنظرات الشفقة من حولها، فهو أكثر ما يضايقها، فعندما تمشي في الشارع يترك الناس أي شيء ويتابعونها بنظراتهم. وتطمح مهيدات في أن تدرس الماجستير، وتؤلف كتابًا بعنوان ذات الأرجل الذهبية، تتحدث فيه عن تجربتها في إصرارها وتحديها للواقع.
وقالت والدتها، "عندما أنجبت مرام من دون أذرع، وعرفت أن السبب أني تناولت دواء أثناء الحمل، مما أدى إلى عدم اكتمال النمو، مما جعلني أحيط ابنتي بالحب والرعاية، دونًا عن أخوتها، ولا أنكر أني كنت أشفق عليها، ولكني لاحظت وهي طفلة أنها تحاول أن تستعمل قدميها وتحركهم في قضاء حوائجها، ولكني لم أتوقع أنها ستكون الوحيدة بين أولادي الذكور والإناث التي ستكمل تعليمها الجامعي. وعلى الرغم من ما كنت اعتقد أنها عاجزة، وفي قريتها الصغيرة في مدينة اربد شمال العاصمة عمان، تستضيف مرام زوارها بفنجان قهوة من صنعها، ومن دون مساعدة من أحد.