لم تتوقف علاقات ترامب النسائية على حسناوات أميركا أو عارضات الأزياء أو مشاهير الفنّ في أميركا بل امتدت إلى البلاط البريطاني، حيث الأميرة ديانا، التي كانت لتصبح زوجة ترامب وسيدة أميركا الأولى. ففي ديسمبر/كانون الأول عام 1995 اجتمع نحو 900 من كبار شخصيات نيويورك وأكثرهم نفوذًا داخل فندق هيلتون في منهاتن خلال مأدبة عشاء أقامتها إحدى الجمعيات الخيرية مقابل ألف دولار للفرد الواحد. وتصادف جلوس دونالد ترامب على نفس مائدة الأميرة، رغم تواجد زوجته الثانية مارلا معه. فهؤلاء الذين كانوا هناك لا يزالون يتذكرون كم كانت ديانا مبهرة في تلك الليلة. كانت ترتدي قرطًا من الماس واللؤلؤ وفستانًا مخمليًا عاري الصدر وفاتنًا للغاية.
وقامت ديانا بتحيته وتحية كبار المتبرعين الآخرين خلال حفل الاستقبال. وكانت قد التقت بالملياردير عدة مرات من قبل، وأغلبها في حفلات خيرية سابقة، ولكنها لم تكن تعرفه جيدًا، رغم أنه عرض عليها عضوية ناديه الريفي في فلوريدا مار ألاجو، وهو العرض الذي رفضته حينذاك. وكانت على دراية بسمعته النسائية، رغم أنه لم يحاول مطلقًا أن يغازلها.
ومن ناحيته، لاحظ ترامب سمات ديانا الشخصية جيدًا، وكتب في كتابه الذي نشره في نوفمبر/تشرين الثاني من عام 1997 بعنوان "فنّ العودة" بعد وفاتها بثلاثة شهور "لم يسعني سوى أن ألاحظ كيف كانت تؤثر على الآخرين. كانت تتلألأ بسحرها وحضورها. فقد كانت أميرة بالفعل – وفتاة أحلام".
ونظرًا لعدم درايتها نهائيًا بمشاعره تجاهها، يمكنك أن تتصوّر كيف تفاجأت ديانا فور طلاقها من تشارلز في يوليو/تموز 1996 –أي بعد ستة شهور من مأدبة عشاء مانهاتن– حينما تلقت باقة كبيرة من الزهور من ترامب. كانت تلك الهدية بمناسبة عيد ميلادها الخامس والثلاثين. ومن الواضح أن البليونير كان يستثني الأميرة من الشعار الذي يضعه لنفسه بشأن هجر النساء حينما يبلغن سن الخامسة والثلاثين. (وبالطبع، كان من الممكن حينذاك أن يسلك التاريخ مسلكًا آخر. فربما كانت توشك الآن على أن تصبح سيدة أميركا الأولى وتنتقل إلى البيت الأبيض – إن لم تواعد دودي الفايد وتحدث مثل تلك التبعات المأساوية).
ومع ذلك، اتضح هذا الأسبوع أن ترامب قد تحدث عنها بعد شهرين من مقتلها خلال حادث التصادم في باريس بازدراء يتنافى مع الاحترام الذي تحدث به عنها في كتابه، بل اعتبرها هدفًا محتملًا لرغباته الجامحة. وفي ذلك الوقت، كان ضيفًا بأحد البرامج الإذاعية الأميركية التي يقدمها هوارد ستيرن، وتفاخر على الهواء بأنه كان يستطيع أن يقضي وقتًا ممتعًا مع ديانا. وأشار مقدم البرنامج بوقاحة قائلًا "كان بإمكانك الإيقاع بها" وأجاب ترامب "أعتقد أنه كان ذلك ممكنًا.. فهي تمتلك القوام والجمال والبشرة الجميلة".
وكانت تلك هي الأفكار البغيضة التي تدور بخلد رجل ثري أوشك زواجه على الانهيار ويعتقد في الوقت ذاته أن سحره وأمواله يمكن أن يجتذبا له أي شيء وأي شخص. وبعد انقضاء عامين، انتهى زواجه من مارلا بعد أن دام ست سنوات. والحقيقة هي أن ترامب لم يتحدث كثيرًا مع ديانا في تلك الليلة في نيويورك. ولم يحضر الشخص الوحيد الذي كانت ديانا تأمل في لقائه. وكان ذلك الشخص هو جون كينيدي الابن، ابن الرئيس جون كينيدي، البالغ من العمر 35 عاماً، أي أكبر منها بعام واحد، والذي قيل أنه أكثر شخص في العالم ملائم لها.
وقد اقتصرت تعليقات ترامب بحفل فندق هيلتون على التعبير عن إعجابه بكيفية تعامل ديانا مع الموقف حينما قاطعتها إحدى السيدات. وحدث ذلك حينما كانت الأميرة تلقي كلمة حول المحتاجين، وتشير بصفة خاصة إلى آباء صغار الأطفال، حينما صاحت سيدة متوسطة العمر قائلة "أين أطفالك يا ديانا؟" وردت الأميرة "بالمدرسة" ثم واصلت حديثها. وقد شوهد ترامب، الذي كان يبلغ من العمر 49 عامًا حينذاك، يومئ إيجابًا على أسلوب تعامل ديانا مع ذلك الموقف. فقد أثارت إعجابه وتحدث متوعدًا عن السيدة التي قاطعتها قائلًا "كنت أود أن أتحدث مع تلك السيدة".
لا شك في أنه كان يود أن يواصل حديثه لفترة أطول مع الأميرة، التي كانت تجلس تلك الليلة بين اثنين من أكثر الشخصيات تبجيلًا في الولايات المتحدة، وهما رجل الدولة هنري كيسينجر وجنرال الجيش الأميركي كولين باول الذي أصبح لاحقًا وزيرًا للخارجية في إدارة الرئيس جورج بوش. وظن ترامب أنه قد تسنح له الفرصة. وبعد ذلك، كانت الأميرة قد انفصلت عن أمير ويلز منذ أكثر من ثلاث سنوات وكانت تستمتع بصحبة ملياردير أميركي آخر.
كان ذلك الملياردير هو تيودور "تيدي" فورستمان، رائد صناعة الأسهم ومحب أعمال الخير وزير النساء الذي كان واحدًا من أثرى أثرياء الولايات المتحدة. وقضت بعض الوقت معه وكانا يتزلجان في كولورادو ويلعبان التنس في جزيرة مارثا فاينيارد ماساتشوستس ويحلقان بطائرته الخاصة ما بين نيويورك وواشنطن. وكم كان ترامب يحسد فورستمان. ولا يرجع ذلك إلى كونه أكثر ثراء منه فقط، بل لأنه كان حينما يتحدث عن غزواته النسائية يذكر الأميرة ديانا ضمن القائمة التي تضمنت أيضًا إليزابيث هيرلي والروائية بادما لاكشمي، زوجة سلمان رشدي السابقة.
وقد تعرفت ديانا على عاشق الموسيقى فروستمان – في يونيو/حزيران 1994 عن طريق رجل البنوك لورد روثتشايلد. فقد كانوا في منزل عائلتها في لندن، حيث تقام مأدبة عشاء خيرية، وقد انجذب إليها رجل المال البالغ من العمر 53 عاماً، حتى أنه أرسل إليها في اليوم التالي باقة زهور متنوعة إلى منزلها في قصر كينسينغتون. وظلت الباقات تصل إليها أسبوعيًا على مدار السنوات الثلاث اللاحقة، حيث أصبحا صديقين.
وباسترجاع تلك الأوقات، من المثير للسخرية أن نتذكر أن فورستمان كان منهمكًا في الدوائر السياسية باعتباره مرشحًا جمهوريًا محتملًا للانتخابات الرئاسية الأميركية عام 1996 (والتي فاز بها بيل كلينتون للمرة الثانية). فهل كان من الممكن أن تتطور صداقة ديانا بفورستمان بالفعل لتصبح علاقة حميمية؟ كانت تقول لأصدقائها المقربين "ماذا تتوقعون بعد زواجي من أمير ويلز سوى أن يكون زوجي القادم رئيس الولايات المتحدة؟" ومع ذلك، كانت حالة ديانا المزاجية معقدة. فقد كانت تفكر مليًا في كيفية الاحتفاء بها وتكريمها في تلك الليلة في نيويورك رغم سوء معاملتها من قبل البلاط الملكي في لندن.
فمنذ شهر واحد فقط كانت قد أثارت غضب العائلة الملكية بعد إجراء لقاء مع أحد البرامج الشهيرة بقناة BBC لم تتحدث خلاله عن ملاءمة الأمير تشارلز لتولي عرش بريطانيا فحسب، بل اعترفت بعلاقة الحب بينها وبين ضابط سلاح الفرسان جيمس هويت. وخلال أيام من عودتها من مأدبة العشاء تلك، تحطمت أحلامها حينما علمت أن الملكة قد أصدرت تعليماتها بأن تنهي علاقتها بتشارلز بالطلاق. فلتتصوّر فقط مدى الغضب الذي كان سيكتنف العائلة الملكية لو أنها تزوجت بعد ذلك أحد أثرياء الولايات المتحدة.
ومن ناحيته، كان ترامب متأخرًا كثيرًا عن فورستمان فيما يتعلّق بتحويل أحلامه إلى واقع بشأن شغل منصب رئيس الولايات المتحدة حينما أرسل تلك الزهور إلى الأميرة ديانا بعد طلاقها. فقد تم إرسال الزهور في أعقاب ما أسماه "صنيعاً" قدمه إلى الأميرة ولكنه لم يوضح ماهيته على الإطلاق. ونحن ندرك أنه يقصد التبرعات الخاصة التي قدمها إلى إحدى المؤسسات الخيرية التي تفضلها. وبالفعل، أرسلت إليه ديانا خطابًا بخط اليد، تشكره بشدة.
وكان ترامب نرجسي النزعة يعتبر أن تلقي مثل ذلك الخطاب من أميرة ويلز بمثابة انتصار كبير. وجاءت باقة الزهور الهائلة ردًا على ذلك الخطاب. ومع ذلك، ما لم يكن يعلمه هو أن فورستمان كان مستمرًا في إرسال باقات الزهور أسبوعيًا حتى وفاة ديانا. وأرفق ترامب بباقته رسالة أعرب فيها عن تعاطفه معها بشأن الطلاق وأبدى بها احترامه لها، بل وطلب منها اللقاء. وذكرت الإذاعية سلينا سكوت أنه أرسل بعد ذلك المزيد من باقات الزهور، حيث أخبرت صحيفة سانداي تايمز "كان يرسل الكثير من باقات الزهور التي تتجاوز قيمة كل منها مئات الجنيهات الإسترلينية إلى ديانا بقصر كينسنغتون.
ومن الواضح أن ترامب كان يرى أن ديانا يمكن أن تصبح زوجة مناسبة. وبينما تراكمت الزهور والورود بمنزلها، أصبحت تشعر بالقلق بشأن ما ينبغي أن تفعله. فقد بدأ الأمر يبدو كما لو كان ترامب يطاردها". ومع ذلك، لم تكن ديانا تنظر إلى ترامب بنفس نظرتها إلى تيدي فورستمان. وخلال مأدبة العشاء، أخبرت سلينا سكوت "إن ترامب يخيفني". ثم توقف عن إرسال باقات الزهور، حيث أدرك ببساطة أنه يضيع وقته الثمين دون جدوى.
ولو أنه كان يعلم ما يدور بحياة ديانا، لأدرك أن آخر ما ترغب به في ذلك الحين هو أن تحظى بعاشق مخادع. وفي الواقع، كان كل من فورستمان وترامب يضيعان وقتهما. فقد التقت ديانا بشخص آخر ليس لديه طائرة خاصة وأموال طائلة، بل أنه لا يمتلك المنزل الذي يعيش به. كان يعمل جراحًا للقلب والرئتين بمستشفى برومبتون في لندن. لقد ولد في باكستان واسمه حسنات خان. وكانا قد التقيا حينما أجرى جراحة بالقلب لإحدى صديقات ديانا الحميمات، الراهبة السابقة أوناغ توفولو.
وكان هذا الرجل الذي قالت عنه "إنه شخص رائع" بمثابة الإجابة على تساؤل ديانا حول الشخص الذي يفترض "أن تتزوجه بعد طلاقها من أمير ويلز". كانت ستصبح أكثر سعادة للعيش مع خان – بل والانتقال معه إلى باكستان إذا دعت الحاجة، كما ينبغي أن يعرف العالم بأسره ذلك. وفي النهاية، رفض هو الزواج بها وأخبرها أن ذلك ليس في صالحها. ومع ذلك، تظل فكرة ما إذا كان دونالد ترامب قد حظي بها مثيرة للاهتمام. فربما كانت ستصبح زوجة رئيس الولايات المتحدة الأميركية بعد طلاقها من أمير ويلز.
والآن، يعمل حسنات استشاري جراحة قلب وينقذ حياة المرضى في أنحاء العالم. وكان جون كينيدي الابن لا يزال في الثامنة والثلاثين من عمره حينما لقي حتفه مع زوجته جراء حادث طائرة عام 1999. وتوفي تيدي فورستمان عام 2011 دون أن يتزوج عن عمر يناهز 71 عامًا. ويستعد دونالد ترامب لدخول البيت الأبيض رئيسًا للولايات المتحدة مع زوجته الثالثة في يناير/كانون الثاني.