غالبًا ما يحب الإنسان شخصًا ما كما هو، ويستمتع به وبالعلاقة معه كما وجده بعاداته وسلوكياته اليومية وطرق تفكيره، ولكن ما يحصل بعد ذلك أن تتحول علاقة الحب هذه من عفويتها إلى الانتقاد؛ ليحاول كل شخص تغيير بعض الأشياء في الطرف الآخر وفرض شروط معينة عليه حتى في علاقة الحب، وتغيير معناها الإنساني؛ فتتحول علاقة الحب من طابعها العفوي لتصبح مشروطة! فكيف تفهم طبيعة عاطفتك وعاطفة غيرك وفق المعايير المنطقيَّة؟!
المستشار الأسري والاجتماعي، وعضو برنامج الأمان الأسري الوطني، عبدالرحمن القراش، يوضح لنا أهم أساسيات الحبِّ، والشروط البسيطة جدًّا، التي ستجعلك قادرة على إدراك المعنى الحقيقي للحبِّ.
بداية أوضح القراش أنَّ الحبَّ قيمة إنسانيَّة أو غاية نفسيَّة، له نكهة خاصة في نفوس البشر فمهما حاولنا إنكاره يصعب علينا ذلك، فهو عالم بين نقطتين لا تعرف بدايتهما من نهايتهما، حيث لا يمكن إدراك أسباب الوقوع فيه بشكل دقيق؛ لأنَّ لكل شخص معاييره في فهم احتياجه العاطفي، ومدى تأقلمه مع مشاعر وعطاء الطرف الآخر، لكن أسباب الخروج منه كثيرة لا تحصى وأغلبها تكون مؤلمة موجعة تعيش مع الإنسان مدى حياته، وقليل من الناس من يستطيع الخروج من آثاره.
• كيف تفهم طبيعة عاطفتك وعاطفة غيرك وفق المعايير المنطقيَّة؟
• الحبُّ يُدرك بين الناس بأمرين:
ـ العاطفة تقود العقل.
ـ العقل يقود العاطفة.
• الصنف اﻷول: إذا قادت العاطفة العقل
يكون الإنسان عرضة للابتزاز العاطفي من خلال إلغاء شخصيته وكلمته ورغبته ومشاعره ناهيك باستغلاله وعقابه وتعذيبه باسم الحبِّ؛ لأنَّ الطرف الذي يمارس هذا التعامل يرى فيه أنَّه سهل المنال، لا يزعل منه مهما كان خطؤه عليه، ويرضيه بكلمة فقط، فتجد هذا النوع من المحبين مجازفًا ومضحّيًا بشكل مبالغ فيه، المهم لديه هو رضا من يحب، سواء كان على خطأ أو صواب، وربما يقود لهلاكه، لكن بالمقابل تجد احترامه يسقط من عين الطرف الآخر، ولا نستبعد أن يعمد إلى إهانته؛ لذا لا نستغرب أن تكون صدمته في الحبِّ عميقة لو حصل بينهما فراق أو انتهت العلاقة بكارثة وهرب منها الطرف الأول؛ لأنَّ هذا «المسكين» أو تلك «المسكينة» قادت عواطفه عقله، وتم استغلالها بشكل بشع، حتى لو آمنا أنَّ تلك العواطف صادقة، لكن يجب أن يكون هناك وعي وإدراك لما يمكن أن تؤول إليه مشاعره المندفعة من دون تحكم وسيطرة.
• الصنف الثاني: إذا قاد العقل عواطفه
يكون الإنسان فيها مدركًا لحقيقته وقيمته في نفس الآخر، بمعنى أنَّه يرى مكانته في عيون وقلب وتصرفات ذلك الطرف من دون إهمال أو تفريط، ويدرك قيمة تضحيته من أجله، وصدقه في محبته معه من خلال سلوكياته وخوفه على خاطره ناهيك بتميُّز هذه العلاقة بينهما، بمعنى السمو الذي لا يخالطه مصلحة أو استغلال أو إذلال بالإضافة لاحترامه في حضوره وغيابه وحفظه لصورته ومكانته أمام الآخرين فلا يحرجه ولا يعمد إلى إهانته.
• الاحتياج ليس ضعفًا:
الحبُّ المشروط يجب فيه أن يدرك الطرفان أنَّ الاحتياج ليس ضعفًا أبدًا؛ فعلى العكس الاحتياج بين الأحباب هو العلاقة الجميلة، حيث يجد أحد الطرفين ضالته دائمًا عند الشخص الذي يحبه، وهنا هي حلاوة الحبِّ والمشاركة. أنت تطلب من دون أن تخجل وتأخذ من دون أن تطلب، والطرف الآخر الفكرة نفسها، يأخذ منك، وهكذا علاقة متبادلة.
وأخيرًا الحبُّ فرصة يصبح بها الإنسان راقيًا إذا أدرك قيمته في عين من يحب وكان دافعًا له نحو الإبداع والتألق والسعادة.