المشكلة:متزوج منذ شهرين، ولكن أفكر في الطلاق؛ لأن زوجتي دائمًا تقلل من شأني أمامها بعبارات تجعلني أغضب منها بشدة: (أنت فاشل، فيك صفات كثيرة سيئة، أنت تعاملني بسوء، أنت لا تحن عليّ، اعمل بما تعلمت، أنت همجي، أنت مريض نفسي مجنون). مع العلم أني -والله- لا أسيء لها، وفي علاقتي معها أبحث عن سعادتها قبل سعادتي، وسرورها قبل سروري، وهي ترى خلاف ذلك، وإن قمت بالإشارة نحوها باليد ومست يدي يدها -مثلًا- تقول: ستضربني أيضًا، حتى أنني قمت بفعل ذلك بسبب استفزازها لي، ودائمًا تريد أن تذهب لأهلها ولو كل أسبوع، وتريد -أيضًا- أن تجلس هناك بالأسبوع على الأقل، مع طول المسافات بين البلدين. دائمًا تقف ضدي مع أهلها، وإن تكرر نفس الموقف معي تجاهلت الأمر، ودائمًا صوتها عال جدًا، مع علمها أنني أكره الصوت العالي، وحين أتحدث معها في هذا الأمر، تقول: هذه طبيعتي، أنت يخيل لك أن صوتي عال، وهكذا، وحين تقوم بكل ذلك أحيانًا تقول: أنا أمزح معك، مع العلم أنني أخبرها بأن هناك فرقًا بين الجد والهزل، ولكن لا فائدة. علاقتنا الحميمية أشعر فيها ببرود من قبلها، ولا تشعر بأي شيء، وتقول: هيا أفرغ، ولا يحدث منها تفاعل أبدًا، وحين سألتها قالت: من الألم تارة، ومن أشياء أخرى تارة، وحين أسأل: أين أماكن الإثارة لديك؟ تقول: لا أدري، فقط كن حنوناً معي، فلا أدري ما هذا؟ فبم تنصحوني؟ هل أطلقها، أم أن هناك حلا آخر؛ لأنني حقًا مللت منها؟
الحل:نسأل الله جل جلاله أن يُصلح ما بينك وبين زوجتك، وأن يجعلكما من سعداء الدنيا والآخرة، وأن يمُنَّ عليكما بذريةٍ صالحةٍ طيبةٍ مباركةٍ، إنه جواد كريم. وبخصوص ما ورد برسالتك -أخي الكريم الفاضل- فإني أحب بداية أن أقول لك: بأن الطلاق ليس حلاًّ، وإنما الطلاق هو هروب من مواجهة المشكلة، والمشكلة التي بينك وبين زوجتك إنما هي مشكلة في اختلاف المفاهيم، وفي تحليل المواقف التي تحدث منكما، فهي تُحلل تصرفاتك بطريقة خاطئة، وأنت تُحلل تصرفاتها كذلك بطريقة خاطئة، وعلاج ذلك كله -بداية- في جلسة حوارية بينك وبينها، وتحاول أن تعرض عليها السلبيات من وجهة نظرك، وأن تستمع إلى رؤيتها، وتستمع إلى تحليلها لهذه التصرفات، وهي بالتالي تفعل نفس الشيء؛ لأن هذا الحوار -أولًا- هو أمر شرعي؛ لأن الله تبارك وتعالى أمرنا بالتشاور وأمرنا بالتحاور -كما تعلم- وإذا كان الله أمرنا بالحوار ومجادلة أهل الكتاب وغير المسلمين بالتي هي أحسن فمن باب أولى زوجتي التي هي مني وأنا منها. كذلك -أيضًا- الشورى والتشاور، فإن الله تبارك وتعالى أخبرنا بقوله: {وأمرهم شُورى بينهم}، وأنت تعلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يستشير أهله خاصة في بعض المواقف كما حدث في صلح الحديبية. لذا أقول -بارك الله فيك-: الأمر يحتاج بداية إلى أن نعلم أن هناك فوارق فردية في التربية، فالذي ربّى زوجتك هو أبٌ غير والدك، وأم غير والدتك، والذي ربَّاك نفس الشيء، وبالتالي هناك خلاف في وجهات النظر. إذا كانت الخلافات شديدة وعنيفة وقاسية، ولا تحتمل؛ فتحتاج -فعلاً- إلى إعادة النظر في الاختيار، وبالتالي سيكون أمثل السبل إنما هو النقاش والحوار الهادئ البعيد عن أي تدخل طرف، فلا يتدخل أحد من أهلك ولا يتدخل أحد من أهلها، وإنما تجلسان معًا وتسجلان نقاط الخلاف بينكما، وتبدءان في العلاج خطوة خطوة. وكما ذكرت: أتمنى أن نُبعد تمامًا شبح الطلاق عن حل المشكلة، لأننا لو فكرنا في الطلاق فمعنى ذلك أننا جئنا بآخر شيء، وبالتالي لن نستطيع أن نصل إلى حل وسط، أو إلى حل أمثل لعلاج المشكلة، وإنما سنجد أنفسنا محصورين في هذه الزاوية التي يحرص الشيطان أن تتحقق؛ لأن من أهم أهداف الشيطان التفريق ما بين المرء وزوجه. لذا أقول: أتمنى جلسة حوارية هادئة بينك وبين زوجتك، بعيدًا عن أي أحد، ويمكن أن تتكرر، ويمكن أن تقسِّمانها إلى عدة محاور، شريطة ألا يكون هناك نوع من الاستفزاز، وألا يكون هناك -أيضًا- نوع من الاستخفاف في الطرح، وأن نأخذ الأمر مأخذ الجِدَّ، وأن تكون هناك نية الإصلاح، لأن الله تبارك وتعالى قال في معرض الخلاف بين الزوجين: {إن يُريدا إصلاحًا يوفّق الله بينهما}. فتجلسان معًا ليس بنية توجيه الاتهام من طرفٍ لآخر، وإنما بنيّة البحث عن حلٍّ لهذه المشكلات. إذن نجلس بهذه النية، نقول: (نحن نريد أن نجلس معًا لنبحث عن حل لهذه المشكلات التي بيننا، لأنا في حاجة إلى حل)، واعرض جميع الأشياء التي تعِنُّ لك، ودعها تتكلم عن كل شيء أيضًا، ومن الممكن أن تبدأ هي في الحديث وأن تستمع منها وتكتب ملاحظاتها تجاهك في ورقة، حتى تقوم بالرد وشرح وجهة نظرك، على ألا تُبرر، وإنما إذا كان الأمر خطأً فلا مانع من الاعتذار منك أو منها، وإذا كان الفهم هو الفهم الخاطئ فعلينا أن نُصحح المفاهيم؛ حتى نحافظ على حياة الأسرة ونمنع من انهيارها؛ لأن في انهيارها انهيار لِبنة في صرح الإسلام، وأنت تعلم أن أبغض الحلال عند الله الطلاق. أسأل الله تعالى أن يوفقك وأهلك لكل خير، وأوصيك بالدعاء لها بالصلاح والإصلاح، وعدم الغفلة عن ذلك؛ لأنك في حاجة إلى صلاحها وإصلاحها؛ لأن ذلك سوف ينعكس عليك يقينًا. هذا وبالله التوفيق.
Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©
Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©
أرسل تعليقك