المشكلة: أنا فتاة عمري 27 سنة، لا توجد لدي أي مشكلات في الحياة لا مادية ولا غيرها، مثل أغلب المحيط الخاص بي، وأعيش حياة مرفهة مثل قطتي تمامًا! ومشكلتي أنني أحتار عندما أقرأ في السيرة عن النبي والصحابة، وكيف أنهم كانوا يعملون دائمًا حتى ولو كانوا غير محتاجين ماديًا، ونفسي أتغير وأصبح مثلهم، وأهجر عيشة القطة، والتمحور حول ذاتي، ولكن لا أعرف كيف أصبح قوية ومجتهدة، فهذه القيم غير موجودة عندي، ولا يمكن الاعتماد علي، ماذا أفعل؟
الحل: مرحبًا بك عزيزتي دينا، مرحبًا بك وبسؤالك الذي هو بداية وضع قدميك على طريق التغيير، المهم، والطويل، والصعب، لكنه الأجمل والصحي والأفضل لك. آثرت أن أخبرك عن بعض مواصفات طريق "التغيير" حتى تستعدين، فلا يوجد جرح غير مؤلم، ولا شفاء بدون المرور بالألم، والصبر عليه، ومنحه الوقت والعلاج المناسب ثم نفرح بالشفاء والتعافي. ستتغيرين لأنه واضح من رسالتك توافر رغبة وإرادة، التذمر والرفض لوضعك، شعورك أنه يوجد شيء"غلط" ولابد من تصحيحه، نوبة الصحيان هذه دليل صحة ومبشرة للغاية، ولكن التغيير مؤلم، يعينك على تحمل آلامه مشاهدتك من الآن صورة نفسك وقد أصبحت أفضل، أصبحت دينا"الحقيقية"، الإنسان الذي اكتشف قدراته، ومهاراته، وسمات شخصيته التي ساعدت البيئة المرفهة التى تربيت فيها ولا وزالت تحيط بك، وربما التربية الاعتمادية أيضًا التى تلقيتها، على تغيير ملامحك الحقيقية الجيدة بأخرى زائفة ومضرة. "القيم" يا عزيزتي أمر "مكتسب"، فأنت تستطيعين اكتساب قيم كالاجتهاد، والمثابرة، وغيرها بالتعود والممارسة، والشغف. لكن الأمر سيحتاج منك إلى سعي، وتعلم، وبحث، وطلب مساعدة، فهو ليس سحريًا أو سيحدث بمجرد قراءة كتاب، ليس هناك وصفة سحرية ولا روشتة جاهزة. وإنما هناك "خطة" تتناسب مع سمات شخصيتك، تمحو آثار تربية اعتمادية لتسيري في مسار الاستقلال والقوة النفسية، وتدلك على كيفية التعامل مع أخطاء الماضي فتتعلمي منها، وكيف تعيشين حاضرك بمعرفة "حقيقة" ذاتك وتطويرها، وكيف تتعاملين مع التحديات التي ستقابلك، والتعامل مع"المقاومة" الذاتية للتغيير، ومقاومة محيطك التي ربما تحدث. إن إزالة هذا الركام النفسي الناشيء من التربية الأولى، وقيم محيطك الاجتماعي، وطريقة تعاملك مع نفسك كقطة لن يتم بين يوم وليلة، ولن يحدث بدون مساعد نفسي، وسيفيدك في ذلك كثيرًا" العلاج الجمعي النفسي" عبر مجموعات الدعم والمساندة التي تتوافر بواسطة اختصاصيي الارشاد النفسي، بدون ذلك سيطول بك المكث والطريق فلا تترددي يا عزيزتي في الطلب والبحث وفورًا، واستعيني بالله ولا تعجزي، وضربك المثل من السيرة خير دليل، فالصحابة لم يتحولوا بين يوم وليلة، ولم يفعلوا بمفردهم، كان لهم مرشد وقائد وهو النبي صلى الله عليه وسلم، ومكث معهم في رحلة التغيير سنوات في محضن الدعوة الأول حتى استطاعوا بعدها أن يصبحوا سادة العالم، بعد أن أصبحوا سادة أنفسهم، عرفوها، وقادوا مشاعرهم، ومن قبلها أفكارهم، ونحن نفعل بما يناسب عصرنا وطبيعة مشكلاتنا لنصل للنتائج نفسها،والهدف نفسه، "قيادة النفس".
Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©
Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©
أرسل تعليقك