المشكلة :أستشيركم عن كيفية التعامل مع أختي الأكبر مني سناً، كانت من قبل أقرب الناس إلي، وكنا نحب بعض وما نختلف في شيء، ومنذ سنة بعد ذلك تغيرت علاقتنا، صرنا نختلف على الكبيرة والصغيرة، صرنا نتعاند ونتحسس من بعض بكل شيء! أحس أنها لا زالت تحبني وأنا أعتبرها شخصين: شخصاً قديماً أحبه، وشخصاً جديداً أكرهه! كيف أتصرف معها؟ حاولت أتجاهلها حاولت أتغاضى لكن وجودها يقلقني، لدرجة أني أتمنى موتها، لا أقدر أستوعب كيف علاقتنا انقلبت من بعد حب وحنان، وأنا مستحيل أرجع لحبها، لأني فكرت أجاملها ولا أقدر أجامل شخصاً فقدت الثقة والحب فيه، وإن تحسنت علاقتنا ستكون فترة وبعدها نختلف، وندخل في مشاكل من جديد! قررت أنساها من حياتي، والصلح معها ليس مجدياً، والسبب أننا فقدنا الحب والثقة، ونختلف بعد فترة قصيرة، وصرت أتجاهلها. ما رأيكم؟ وكيف أتصرف إذا حصل خلاف بيننا؟ وكيف أتخلص من القلق والتوتر عند الكلام معها في ضرورة أو تواجد معها في مكان واحد؟
الحل :الألفة والمحبة أساس العلاقات الإنسانية، بها نبني جسور التواصل، وعليها نصعد حتى نصل إلى تحقيق الانسجام والوئام بين من تجمعنا معهم صلة رحم، أو صداقة أو علاقات اجتماعية قوية أو عابرة. لا شك أن من الأسس السليمة لديمومة أي وئام أو انسجام إنما هو العفو والصفح، وتجاوز الهنات والزلات، وتطهير القلب من الحقد والغل وعدم التحامل على الآخرين، والاستماع إلى وجهة نظرهم بعيداً عن التعصب لآرائنا وأفكارنا ومواقفنا. فكيف إذا كنا نتحدث عن علاقتنا بأقرب الناس إلينا، ألا وهي أختك التي تعيشين معها تحت سقف واحد، ترعاكما يد واحدة، وتنهلان الحنان من حضن واحدة! ذكرت أن علاقتك مع أختك كانت قوية، وكانت من أقرب الناس إليك يجمعكما حب شديد، إلى أن تغيرت علاقتكما فبدأتما تختلفان على كل كبيرة وصغيرة، وفقدت الثقة بها، والأكثر أنك أصبحت تتمنين موتها! قبل الانطلاق في الحلول والعلاج لا بد من الوقوف على الأسباب: - ما التغيير الذي طرأ على علاقتكما؟ - ولماذا فقدت الثقة بها؟ - لماذا تريدين أن تلغيها من حياتك؟ لا شك أن هناك موقفاً ما حدث بينكما، حتى أوغل قلبك بكل هذا الحقد اتجاه أختك لدرجة أنك تتمنين موتها! العلاقة الأخوية لا تنقلب رأساً على عقب هكذا بين اليوم والليل، ولا يتبخر ذاك الحب الذي كان يجمعكما فجأة، ولكن لا بأس لعلك لا تريدين الإفصاح عن السبب الذي هو أصل المشكلة. أيّاً كان السبب، فأقدم إليك الحلول النفسية والعلاجات السلوكية التالية: ـ إن علاقة الأخوة تسمو وترقى فوق كل خلاف مهما دق أو أجل، وعليك أن تواجهي ذاك الموقف الذي حدث بينك وبين أختك، ووصل بالعلاقة بينكما حداً كبيراً من الخلاف والشقاق بالعفو والصفح والتجاوز. أذكرك بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا ولا تقاطعوا وكونوا عباد الله إخواناً، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث } [رواه مسلم]. قال صلى الله عليه وسلم : { والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا.. } [رواه مسلم] ـ تذكري أن القلب إنما هو موضع نظر الرب سبحانه وتعالى، فكيف تسعين إلى تجميل منظرك الخارجي أمام الناس، ومن ثم تطيب لك نفسك أن ينظر الله إلى قلبك وفيه حقد وكراهية وبغضاء لمن خلقها الله لتكون لك الأخت والسند! ـ أدعوك أن تعودي إلى ذلك الموقف، وتنظري إليه من وجهة نظرة محايدة، وتحاولي أن تلتمسي لأختك أعذاراً في أقوالها وأفعالها التي أزعجتك، وتبادري إلى العفو والصفح، ستقولين لا أستطيع، فأقول: لا ينبغي أن يوجد في القانون البشري كلمة لا أستطيع فالنفس البشرية هينة لينة، قادرة على اكتساب مهارات وعادات إيجابية إذا ما وجدت من صاحبها العزم والإرادة، والحافز والدافع، ويكفي دافعاً قوله تعالى: ( وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ). تخيلي جنة عرضها السموات والأرض، والأكثر من ذلك محبة الله سبحانه وتعالى. ضعي الخطأ الذي ارتكبته أختك معك في كفة وفي الكفة الأخرى الجنة التي عرضها السموات والأرض ومحبة الله والتي وعدها الله تعالى لمن يعفو ويصفح، وأجري بينهما موازنة خيالية، ثم انظري أي الكفتين ترجح، وبعدها احزمي أمرك وقرري، إن كنت لا تستطيعين العفو عنها، أم أنك قادرة على إرغام نفسك، والعفو عن خطئها مهما كان وتطهير قلبك من الحقد والبغضاء. ـ دربي قلبك على أن يكون سليماً معافى، ينام سالماً من أي عتب أو لوم أو بغضاء على أحد، درِّبيه على تجاوز المواقف، وعدم التحامل على الأشخاص، علميه كيف يناقش ويحاور ويتلمس الأعذار ولا يقف عن كل كلمة ونظرة ولفتة، وليس ذلك بالصعب ولا المستحيل، فنبينا علمنا بأن الحلم إنما يكون بالتحلم. ـ ركزي على اللحظات السعيدة والذكريات الحلوة التي قضيتموها معاً، كيف شاركت أحزانك، أفراحك، همومك، إنجازاتك، كم مرة ضحكتما معاً، وكم مرة بكيتما معاً ، كم مرة هونت عليك همومك ، وكم مرة وقفت إلى جانبك، ركزي على موقف إيجابي يجعلك تغفرين لها ما بدر منها. - تذكري مدى الارتياح النفسي والسعادة التي كنت تنعمين بها لما كان قلبك صافياً اتجاهها ، محباً لها، وانظري الآن إلى نفسك كيف تعيشين ضيقاً وضنكاً وقلقاً وتوتراً. ـ تذكري أن من يزرع الحب لا يحصد إلا الحب، ومن يزرع البغضاء لا يجني إلا بغضاً. أسأل الله أن يرزقك الحكمة في القول والعمل، ويؤلف بينك وبين أختك اللهم آمين.
Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©
Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©
أرسل تعليقك