يُعدّ النوم هو السلسلة الذهبية التي تربط بين الصحة وأجسادنا معًا، هكذا كتب توماس ديكر الكاتب المسرحي الإنجليزي في القرن السادس عشر، مما يعكس وجهة نظر استمرت عبر القرون الماضية، أن "النوم يشعرنا برفاهيتنا"، وهو رأي يدعمه العلم، وقد أظهرت التجارب التي اشتملت على عدد من الرجال والنساء، وتجربة عدم النوم لفترات تصل إلى 11 يومًا دون إغلاق العين، وكشفت التجارب أن ذلك يتسبب في انخفاض تدريجي في التركيز والإدراك وغيرها من العمليات العقلية.
ومن المثير للفضول أن هذه المشاكل تتلاشى، بمجرد السماح لهم بالنوم لمدة ليلتين، في حالة من فقدان الوعي، فقط نتساءل لماذا نحن بحاجة إلى النوم؟ وقال عالم النفس فرويد، بأن النوم يتيح لنا أن نحلم بالأشياء التي نتمناها، والتي تكون مزعجة ومقلقة، بمجرد التفكير فيها أثناء استيقاظنا لذلك نلجأ إلى النوم، فهو يشعرنا بالراحة من أفكارنا.
وأكد آخرون أن النوم هو بقايا من عصرنا الحجري الماضي، عندما كان التجول أثناء الليل، يُشكل خطرًا كبيرًا، حتى لا تتعرض لمخاطر الحيوانات الليلية آكلة اللحوم، لذلك تطورت هذه العادة من النوم لإبقائنا آمنين في كهوفنا، وفي الآونة الأخيرة، كشف العلماء عن أن النوم يشارك في مساعدة أجسادنا على التعافي، من تقلبات اليوم ولأدمغتنا لمعالجة ضغوطات الساعات الـ 12 السابقة، كل هذه النظريات لها أنصارها ومعارضيها، ولكن العلماء لم يتفقوا حول الأسباب البيولوجية للنوم.
ومع ذلك، نشرت أبحاث الأسبوع الماضي، تكشف عن توصل الباحثين لنتائج جديدة للاستكشاف، بحيث يمكن أن معرفة أسباب النوم ولماذا تحتاج إليه الحيوانات أيضًا، وجاء البحث الأول من قبل باحثين في جامعة واشنطن، والعديد من المؤسسات الأخرى، يتم نشرها في مجلة "ساينس ادفانسيس" ، ويسلط الضوء على انه واحدا من الجينات الورائية يتحكم في نوعية النوم، في مختلف الحيوانات، بما في ذلك البشر - ويثير الآمال في امكانيته في التحكم في نظام النوم.
ووجد العلماء أن أحد الجينات الورائية، مسؤولة عن تغير الساعة البيولوجية البشرية، والتي تسيطر على نومنا، والبحث الثاني، والذي نشرت في مجلة "سيل"، هو عمل فريق بقيادة ألينا باتكي، من مختبر علم الوراثة في الجامعة الأميركية روكفلر، وتركز على ظاهرة "البوم" الليلي - فمنا الذي يسعد بشرب الكثير من الخمر في وقت متأخر من الليل، ولكنهم يجدون صعوبة في النهوض في الصباح، حتى في وقت متأخر من الصباح - ويشير إلى أنه يرتبط تغير الجينات التي تسبب في عمل ساعاتنا الداخلية بببطء.
وفي أبحاث ولاية واشنطن، قاد المشروع جيسون جيرستنر، في كلية الطب بالجامعة، وقد وجد أن الجين FABP7 يتغير خلال اليوم داخل أدمغة الفئران، وبالإضافة إلى ذلك، اكتشف فريقه أن الفئران التي كانت مصابة بخلل في الجينات FABP7 يتسبب في الاخلال بنومها مقارنة مع الفئران العادية، التي لديها جينات سليمة.
وأثار هذا الاكتشاف مسألة كيف يتأثر البشر بالخلل في الجين FABP7، وصرح الدكتور جيسون جيرستنر، وهو أستاذ مساعد في جامعة واشنطن، قائلاً : "إن دراسة جامعة واشنطن قامت بالتجارب على الفئران والإنسان أيضا لاكتشاف كيفية تأثير الحمض النووي على النوم، و قد وجدنا أن هناك بالفعل جين يسمى FABP7 مسؤول عن نوم الإنسان بالإضافة إلى أن بروتينات هذا الجين تشمل الإشارات البيولوجية الدهنية التي تحرك الدهون في اتجاه نواة الخلية لتنشيط الجين المسؤول عن التمثيل الغذائي و النمو".
واضاف: " إن حدوث أي خلل في هذا الجين يؤثر سلبيًا على نوم الإنسان ويعد أحد اسباب اضطرابات النوم الرئيسية، وقد فحص باحثون جامعة واشنطن أيضًا بيانات الحمض النووي لـ 300 رجل ياباني تقريبًا، ممن خضعوا لدراسة سابقًا لمدة 7 أيام، حيث كانوا ينامون بنفس القدر ليلاً كل يوم، وقد وجدوا أن هناك 29 رجلًا منهم لا ينامون بشكل منظم حيث كانوا يستيقظون كثيرا في الليل بشكل متقطع، وعندما فحصوا الحمض النووي لهم وجدوا أيضًا أن هناك خلل في جين FABP7 ".
على الرغم من أن الفريق يؤكد أن الجينات الأخرى من المؤكد انها تشارك في تنظيم النوم، لكن اكتشاف الارتباط مع FABP7 - التي تشارك في السيطرة على الجينات الأخرى المشاركة في النمو والتمثيل الغذائي - مشجعة للغاية للبحوث الأخرى عن أسباب النوم، وجاء البحث الثاني، في مجلة "سيل"، يتعلق بسبب أخر، وهذه المرة في الجين CRY1.
ووجد العلماء بقيادة باتك أن أحد المتغيرات يغير الساعة البيولوجية البشرية، والتي تتحكم في دورات النوم، ويقول مايكل يونغ، وهو باحث آخر في مختبر علم الوراثة: "وكأن هؤلاء الناس لديهم تأخر دائم في الحركة، يتحرك شرقًا كل يوم، وفي الصباح، ليسوا مستعدين لليوم التالي"، ويمكن أن تسبب هذه الحالة - المعروفة باسم اضطراب مرحلة النوم المتأخرة - النضال من أجل النوم ليلاً، ويرتبط مع بخطر متزايد من مرض السكري وأمراض القلب والأوعية الدموية ومرض الزهايمر.
Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©
Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©
أرسل تعليقك