المشكلة: أنا فتاة لا زلت أعيش مع أهلي، ومشكلتي أن أبي كان يشرب الخمر منذ فترة، وذهب لآداء العمرة، وأقلع عنها وأصبح منتظمًا في الصلاة، وفرحنا به كلنا، لكنه بعد فترة رجع لسابق عهده بل وأصبح يتحدث مع امرأة في الهاتف، ويواعدها ويقابلها، وأمي عرفت وتريد الطلاق، لكنها لا تستطيع التصريح بذلك وطلبه، فنحن ليس لنا بيتًا آخر، علاقة أبي بنا جافة فهو لا يشعرنا بالحب ولا يهتم بنا، وأنا تعبت نفسيًا، أريد أبًا سندًا، ما الحل؟
الحل: مرحبًا بك عزيزتي جيهان، متعاطفة أنا مع مشاعرك تجاه والدك ووالدتك، مقدرة لإحتياج"الأمان"، فأنت لا تشعرين به وهو غير مشبع لديك، وطبيعي أن الاحتياجات النفسية إن لم تشبع أو تسدد تتسبب لنا في المشكلات وعدم الارتياح النفسي والخطورة أن تنغلق الأبواب الشرعية والصحية لإشباعها فتحفر لها طرقًا غير جيدة. الوعي لديك صمام أمان سوف يمنعك مثلاً من الارتباط بأول رجل يطرق بابك باسم الحب والزواج لرغبتك في الشعور بالأمان في ظل رجل. لا أطرح الآن حلولًا للمشكلة وإنما لفت نظر لما يمكن أن يحدث بدون وعي منك نتيجة لهذا الخلل في اشباع الأمان لديك، والدعم والمساندة. يا عزيزتي، أنت لا تملكين "ريموت كنترول" والدك، ولا والدتك، ولا أي مخلوق، فحدوث تغيير "حقيقي" لدى والدك هو حل مشكلتكم، نعم، ولكن هذا لن يحدث إلا إذا توافر لديه هو ( استعداد- رغبة- قدرة) ، عندها سيقرر هو التغيير، وبدون ذلك سيظل متخبطًا ومسكينًا، يؤذي نفسه ويتسبب في إحداث أذى لكم، ولابد أن تتعاملوا معه على هذا الأساس. إننا في هذه الحالة خصوصًا مع من هم أكبر في السن، ليس باستطاعتنا سوى الاحتواء والتحفيز نحو السلوك الطيب وبشكل غير مباشر، والبر، مع تجنيب أنفسنا التورط في علاقة عميقة تقربنا من الأذى، ثم المحافظة على أنفسنا وايجاد سبلًا أخرى بعيدة عن مصدر الأذى لإشباع احتياجاتنا والحفاظ على صحتنا النفسية حتى لا نعاني كما ذكرت" أنا تعبت نفسيًا"، لكنك قلت مكملة حديثك "أريد أبًا سندًا"، وهذا حقك، ولكن ما العمل لو ابتلينا في هذا الحق، هذا الأب، والسند؟! هل من الحكمة أن يبتلى المرء بالعمى مثلاً، ويظل مصرًا على أن يرى؟! أو يمكث حزينًا يائسًا، يشعر بالأسى والأسف؟! والآن، موقفك من والدك هو، الدعاء له بالهداية، الاقتناع بأنه ليس مصدرًا للحب ولا الإهتمام ولا السند ولا الأمان، لا تنتظروا منه شيء، لأنه معطل، معاق، ومسكين، وتحويل النظر إلى (مصادر) أخرى صحية لإشباع هذه الإحتياجات، وكذلك والدتك. إن ما يهم الآن يا عزيزتي هو "أنت" ، ألا تتضرر نفسيتك وتضطرب أو تتشوه شخصيتك بسبب ما يحدث ويضيع الطريق من بين يديك، فاعتزلي ما يؤذيك بحكمة وذكاء وابحثى عن "دعم" حقيقي، بعد أن تقوي أنت نفسك وتكونين سندًا ودعمًا لنفسك، ابحثي عن "آليات"، و "أدوات" ذلك من حولك، تعلم، عمل، صحبة تشاركك اهتمامات، تقوي قدرات، إلخ. لقد علمتنا الحياة أن الحلول دائمًا تأتي عندما "نتحرك"، جسديًا وعقليًا، نغير تفكيرنا، فتتغير مشاعرنا وسلوكياتنا، فلا تقعدي مع القاعدين فيصيبك اليأس، ولا تجدين حلًا، فالحل سيأتي من حيث لا تحتسبين مع أول خطوة في التحرك، والنهوض، والوعي. هذا حديث نظري لينير لك نقاطًا في الطريق، والبقية تعتمد عليك أنت، فلا أحد يملك لأحد -مهما بلغ من علم وخبرات- حلولاً جاهزة لمشكلة أحد غيره، فاستعيني بالله ولا تعجزي، تحركي.
Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©
Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©
أرسل تعليقك